سبق أن أشرنا إلى أن ظاهرة وضع الأحاديث بدأت من عصر الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم فاشتدت وتيرتها فى عصر الخلفاء الثلاث لتبلغ أو جها فى عصرمعاوية بن أبي سفيان مثل هذه الظاهرة دفع بعض العلماء الكبار كأمثال الشيخ محمد عبده إلى أن يعتبر ظاهرة وضع الأحاديث وفى العصر الأموى تحديداً أعظم مصيبة حلت بأمة الاسلام (١).
على أي قد استغل معاوية بكل ما يملكه من قوة وامكانيات وبمختلف الأساليب واضعى الحديث لتحقيق أغراضه ، وفى هذا السياق استدرج شخصيات كأمثال كعب الأحبار وأبي هريرة وعبيدالله بن عمرو بن العاص وسمرة بن جندب استدرجهم من حيث يعلمون أو لايعلمون إلى تنفيذ هذه الخطة الهدامة لتحقيق غرضين هما تشويه سمعة اميرالمؤمنين عليهالسلام والحط من شخصية اولاً وثانياً تبرير سلوك الخلفاء الثلاث وتابعيهم وإعلاء مكانتهم وقد ركز هؤلاء فى هذا السياق على شخصية مشبوهة كمعاوية بن أبي سفيان حيث أضفوا عليه وعلى حكمه الغاصب الجائر ثوب الشرعية وبر روا سياسته الرعناء.
حاول معاوية بداية وعبر أبواقه الإعلامية وعن طريق توظيف أزلامه ومرتزقة وبمساعدة المتاجرين بالدين أن يلفت الأنظار إلى حاضرة الشام معتبراً إياها مهبط النور والرحمة وحط بركات السماء كما ذم العراق وأهل العراق وكذلك ذم الإمام على عليهالسلام واتباعه بأنهم يفتقرون إلى نور الهداية ومحرمون من
________________
١. قال الأستاذ الإمام محمد عبده لم برزأ الإسلام بأعظم مما ابتدعه المنتسبون إليه وما أحدثه الغلاة من المفتريات عليه فذلك مما جلب الفساد على عقول المسلمين وأساء ظنون غيرهم فيما بني عليه الدين وقد فشت للكذب فاشية على الدين المحمدي فى قرونه الأولى حتى عرف ذلك فى عهد الصحابة رضى الله عنهم بل عهد الكذب على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فى حياته إلا أن عموم البلوى بالأكاذيب حق على الناس بلاؤه فى دولة الأمويين فكثر الناقلون وق لاصادقون وامتنع كثير من أجلة الصحابة عن الحديث إلا بمن يثقون بحفظه خوفا من التحريف فيما يؤخذ عنهم (أضواء على السنة المحمدية محمود أبو رية ص ٣٨٩.)