بَاب الرّاء
الحمد لله مانح التوفيق والصّواب ، والصّلاة والسّلام على سيِّدنا محمَّدٍ النَّبيِّ الأوَّاب ، وعلى الآل والأصحاب.
باب الراء
من كتاب القامُوس.
قال ابنُ مَنْظُورٍ : الرّاء من الحروف المَجْهُورة ، وهي من الحُرُوفِ الذُّلْقِ ، وهي ثلاثة : الرّاءُ واللّامُ والنُّونُ ، وهنَّ في حَيِّزٍ واحدٍ. وإنما سمِّيَتْ بالذُّلْق ، لأنَّ الذَّلَاقَةَ في المَنْطِقِ إِنما هي بطَرَفِ أَسَلَةِ اللِّسَان ، وهنَّ كالشَّفَوِيَّة كثيرة الدُّخُولِ في أبنيةِ الكلامِ.
قال شيخُنَا : وقد أبدِلَتِ الرّاءُ من اللام في النَّثْرة بمعنى النَّثْلة ، وهو الدِّرع ، بدليل قولهم : نَثَلَ دِرْعَه عليه ، ولم يقولوا : نَثَرها ، فالّلام أَكثرُ تصريفا ، والرّاءُ بَدَلٌ منها ، كما أَشار إِليه ابنُ أمِّ قاسمٍ في شرْح الخُلاصة. وقالوا : رَعَلَّ بمعنِى لَعَلَّ ، وقالوا : رجلٌ وَجِرٌ وأَوْجَرُ ، وامرأَةٌ وَجِرَةٌ ، بمعنى وَجِلٍ وأَوْجَلَ ووَجِلَةٍ ، وهي لغةُ قَيْس ، ولذلك ادَّعَى بعضُهم أَصالتَها. وقال الفَرّاءُ : أَنْشَدَني أَبو الهَيْثَمِ :
وإِنَّيَ بالجارِ الخَفَاجِيِّ واثقٌ |
|
وقَلْبي مِن الجارِ العِبَادِيِّ أَوْجَرُ |
إِذا ما عُقيْلِيَّانِ قامَا بذِمَّة |
|
شرِيكيْنِ فيها فالعِبَاديُّ أَغْدَرُ |
فأَوجرُ بمعنى أَوْجَل وأَخْوَف.
فصل الهمزة
مع الراء
[أبر] : أَبَرَ النَّخْلَ والزَّرْعَ يَأْبُره بالضَّمِّ ، ويَأْبِره ، بالكسر ، أَبْراً ، بفَتْحٍ فسكُونٍ ، وإِبَاراً وإِبارةً ، بكسرِهما : أَصْلَحه ، كأَبَّره تأْبِيراً.
والآبِر : العامِلُ.
والمَأْبور : الزَّرْعُ والنَّخْلُ المُصْلَحُ. وفي حديث عليًّ رضياللهعنه : «ولَا بقِيَ منكم آبِر» أي رجلٌ يقومُ بتَأْبِيرِ النَّخلِ وإصلاحِهَا ؛ اسمُ فاعلٍ مِن أَبَرَ. (١)
وقال أبو حنيفَة : كل إِصلاحٍ إِبَارةٌ ، وأَنشد قَولَ حُمَيْدٍ :
إِنَّ الحِبَالَةَ أَلْهَتْنِي إِبَارتُهَا |
|
حتى أصِيدَكُما في بعضها قَنَصَا |
فجَعل إِصلاحَ الحِبَالَةِ إِبارة.
وفي الخبر (٢) : «خيرُ المالِ مُهْرَةٌ مَأْمورةٌ وسِكَّةٌ مَأْبورةٌ» ؛ السِّكَّة : الطرِيقَة المُصْطَفَّة من النَّخلِ ، والمَأْبُورة : الملَقَّحة ، يقال : أَبَرْتُ النَّخلةَ وأَبَّرْتها ، فهي مَأْبورة ومُؤَبَّرَةٌ.
وقيل : السِّكَّة : سِكَّةُ الحَرْثِ ، والمَأْبورة : المُصْلَحَةُ له ؛ أراد : خير المالِ نِتَاجُ أَو زَرْعٌ.
وفي حديثٍ آخَرَ : «من باع نَخْلا قد أُبِّرتْ فَثَمَرَتُها للبائعِ إِلّا أَن يَشْترِطَ المُبْتَاع». قال أبو منصور : وذلك أَنها لا تُؤبَّر إِلَّا بعد ظُهور ثَمرتِها وانْشِقَاقِ طَلْعِهَا. ويقال : نَخْلةُ مُؤَبَّرَةٌ مثل مَأْبورةٍ ، والاسمُ منه الإِبار ، على وَزنِ الإِزارِ ، وروَى أَبو عَمرِو بنُ العَلاءِ قال : يقال : نَخْلٌ قد أُبِّرَت ووُبِرَتْ وأَبِرَتْ ، ثَلاث لغات ؛ فَمن قال : أُبِّرتْ ، فهي مُؤَبَّرة ، ومَن قال : وُبِرَتْ فهي مَوْبُورَةٌ ، ومَن قال : أُبِرَتْ فهي مَأْبُورة ، أَي مُلَقَّحَةٌ.
وقال أَبو عبد الرَّحمن : يُقَال لكلِّ مُصلِحِ صَنْعةٍ : هو
__________________
(١) ويروى بالثاء المثلثة.
(٢) في التهذيب : في الحديث.