وقال الأَزهِريّ : الشِّعْرُ : القَرِيضُ المَحْدُودُ بعلَاماتٍ لا يُجَاوِزُها ، وج أَشْعَارٌ.
وشَعَرَ شَعُرَ ، كنَصَرَ وكَرُم ، شِعْراً بالكسر ، وشَعْراً ، بالفتح : قالَهُ ، أَي الشِّعْر.
أَو شَعَرَ ، كنَصر ، : قالَه ، وشَعُرَ ، ككَرُم ، : أَجاده ، قال شيخُنَا : وهذا القولُ الذي ارتضاه الجماهِيرُ ؛ لأَنّ فَعُلَ له دلالةٌ على السَّجَايَا التي تَنْشَأُ عنها الإِجادَةُ ، انتهى.
وفي التكملة للصّاغانيّ : وشَعَرْتُ لفُلانٍ ، أَي قُلْتُ له شِعْراً ، قال :
شَعَرْتُ لَكُم لمّا تبَيَّنْتُ فَضْلكُمْ |
على غَيرِكُم ما سائِرَ الناسِ يشْعُرُ |
وهو شاعِرٌ ، قال الأَزْهَرِيّ : لأَنّه يَشْعُرُ ما لا يَشْعُر غَيرُه ، أَي يَعْلَمُ ، وقال غَيْرُه : لفِطْنَتِه ، ونقَلَ عن الأَصْمَعِيّ : من قَوْمٍ شُعَراءَ ، وهو جَمْعٌ على غيرِ قياس ، صرّحَ به المصنِّف في البَصَائِر ، تَبَعاً للجَوْهَرِيّ.
وقال سيبويه : شَبَّهوا فَاعِلاً بفَعِيل ، كما شَبَّهُوه بفَعُول ، كما قالوا : صَبُورٌ وصُبُرٌ ، واستغْنَوْا بفاعِلٍ عن فَعِيلٍ ، وهو في أَنْفُسِهم وعَلَى بَالٍ من تَصَوُّرِهِم ، لمّا كان واقِعاً موقِعَه ، وكُسِّرَ تَكْسِيرَة ؛ ليكونَ أَمارةً ودليلاً على إِرادَته ، وأَنه مُغْنٍ عنه ، وبدَلٌ منه ، انْتَهَى.
ونقل الفَيُّومِيّ عن ابن خَالَوَيه : وإِنما جُمِعَ شاعِرٌ على شُعَراءَ ؛ لأَنّ من العَرَبِ مَن يقولُ شَعُرَ ، بالضَّمّ ، فقياسُه أَن تَجِيءَ الصِّفَةُ منه على فَعِيلٍ ، نحو شُرَفَاءَ جمْع شَرِيفٍ (١) ولو قيل كذلك الْتَبَسَ بشَعِيرٍ الذي هو الحَبُّ المعروف ، فقالوا : شَاعِر ، ولَمَحُوا (٢) بناءَه الأَصليّ ، وأَمّا نحو عُلَمَاءَ وحُلَمَاءَ فجمع عَلِيمٍ وحَليمٍ ، انتهى.
وفي البَصَائِرِ للمُصَنِّف : وقوله تعالى عن الكُفَّار : (بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ) (٣) حَمَلَ كثير من المُفَسِّرين على أَنّهم رَمَوْه بكَوْنِهِ آتِياً بِشعْرٍ منظُومٍ مُقَفًّى ، حتّى تأَوَّلُوا ما جاءَ في القُرْآن من كلّ كلامٍ (٤) يُشْبِهُ المَوْزُون من نحوِ : (وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ) (٥).
وقال بعض المُحَصِّلِين : لم يَقْصِدُوا هذا المَقْصِد فيما رمَوْه به ، وذلك أَنّه ظاهرٌ من (٦) هذا أَنّه ليس على أَساليب الشِّعْرِ ، وليس يَخْفَى ذلك على الأَغْتَامِ من العَجَمِ فَضْلاً عن بُلَغاءِ العرب ، وإِنّمَا رمَوْه [بالكذب] (٧) فإِنّ الشِّعْرَ يُعَبَّر بهِ عن الكَذِب ، والشَّاعِر : الكاذِب ، حتّى سَمَّوُا الأَدِلّةَ الكاذِبَةَ الأَدِلةَ الشِّعْرِيّةَ ، ولهذا قال تَعَالَى في وَصْفِ عامّة الشُّعَرَاءِ : (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) (٨) إِلى آخِرِ السُّورَةِ ، وَلِكَوْن الشِّعْرِ مَقَرَّا للكَذِبِ قيل : أَحسَنُ الشِّعْرِ أَكْذَبُه ، وقال بعضُ الحكماءِ : لم يُرَ مُتَدَيِّنٌ صادِقُ اللهْجَةِ مُفْلِقاً في شِعْرِه ، انتهى.
وقال يونُس بنُ حبِيب : الشَّاعِرُ المُفْلِقُ خِنْذِيذٌ (٩) ، بكسر الخاءِ المُعجَمة وسكون النون وإِعجام الذال الثانِية ، وقد تقدّم في موضعه ، ومَن دُونَه : شاعِرٌ ، ثم شُوَيْعِرٌ ، مُصَغّراً ، ثم شُعْرُورٌ ، بالضّمّ. إِلى هنا نصّ به يونس ، كما نقلَه عنه الصّاغانيّ في التكملة ، والمصنّف في البصائر ، ثم مُتَشاعِرٌ. وهو الَّذِي يَتَعَاطَى قَوْلَ الشِّعْرِ ، كذا في اللسان ، أَي يتكَلّفُ له وليس بذاك.
وشَاعَرَهُ فشَعَرَهُ يَشْعَرُه ، بالفَتْح ، أَي كان أَشْعَرَ منه وغَلَبَه.
قال شيخنا : وإِطلاقُ المصنِّف في الماضي يدُلّ على أَن المضارع بالضمّ ، ككَتَبَ ، على قاعدته ، لأَنّه من باب المُغَالَبَة» وهو الذي عليه الأَكْثَرُ ، وضَبطَه الجوهَرِيُّ بالفَتْح ، كمَنَعَ ، ذهَاباً إِلى قول الكِسَائِيّ في إِعمال الحلقِيّ حتى في باب المُبَالَغَة ؛ لأَنه اختيار المصنِّف. انتهى.
وشِعْرٌ شاعِرٌ : جَيِّدٌ ، قال سِيبَوَيه : أَرادُوا به المُبَالَغَةَ والإِجادَةَ (١٠) ، وقيل : هو بمعنى مَشْعُورٍ به ، والصحيحُ قولُ سيبويهِ.
__________________
(١) عبارة المصباح : نحو شَرْفَ فهو شريف ، فلو قيل كذلك.
(٢) في المصباح : ولمحوا في الجمع بناءه الأصلي.
(٣) الأنبياء الآية ٥.
(٤) في المفردات للراغب : من كل لفظٍ.
(٥) سورة سبأ الآية ١٣.
(٦) المفردات : ظاهر من الكلام أنه.
(٧) زيادة عن المفردات اقتضاها السياق.
(٨) سورة الشعراء الآية ٢٢٤.
(٩) بالأصل «خنديد» وما أثبت لفظ القاموس.
(١٠) اللسان : «والإشادة» ووردت فيه في موضع آخر والإجادة كالأصل.