|
وفي ذلك حجّة على بطلان قول من يقول : لايجوز تفسير شيء من ظاهر القرآن إلا بخبرٍ وسمعٍ ١. |
وهذا مما يؤكّد وبشكل جليّ أنّ الشيخ الطوسي يتبنى منهجيّةً عقليّةً في تفسيره ، إضافة إلى اعتماده على المأثور الصحيح.
فقد تضمن التبيان على إشارات علميّة تنمُّ عن الروح العلمية التي اتسمت بها ثقافة الشيخ الطوسي ، وتوحي بانتهاجه منهجاً عقلياً منفتحاً على ما في الكون من معارف وعلوم ، ومن ذلك قبوله لفكرة كرويّة الأرض.
فعند تفسيره لقوله تعالى : ( الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً ) ٢
قال :
|
واستدل أبوعلي الجبائي بهذه الآية ، على أنّ الأرض بسيطةٌ ليست كرة ، كما يقول المنجمون والبلخي بأنْ قال : جعلها فراشاً ، والفراش البساط ، بسط الله تعالى إياها ، والكرة لاتكون مبسوطة ، قال : والعقل أيضاً يدل على بطلان قولهم ، لأنّ الأرض لايجوزان تكون كروية مع كون البحار فيها ، لأنّ الماء لايستقر إلا فيما له جنبان يتساويان ، لأنّ الماء لايستقر فيه كاستقراره في الأواني ، فلو كانت له ناحية في البحر مستعليةٌ على الناحية الأُخرى لصار الماء من الناحية المرتفعة إلى الناحية المنخفضة ، كما يصير كذلك إذا إمتلأ الإناء الذي فيه الماء. |
وهنا رد الشيخ الطوسي على الجبائي قائلاً :
|
وهذا لايدل على ماقاله ، لأنّ قول من قال : الأرض كرويّة ، معناه أنّ لجميعها شكل الكرة. ٣ |
__________________
١. الطوسي ، التبيان ، ج ٩ ، ص ٣٠١.
٢. البقرة ( ٢ ) الآية ٢٢.
٣. الطوسي ، التبيان ، ج ١ ، ص ١٠٣.