|
لعاقل ، على أنّ الصبيان أعقل من البهائم ، ومع هذا فليسوا مكلفين ، فكيف يصح تكليف البهائم؟ ١ |
وقد تصدى الشيخ الطوسي للمعتزلة ، وناقشهم في الآراء التي يختلفون فيها مع الإماميّة ، ودحض أدلتهم التي أقاموها ليستدلوا بها على بعض آرائهم ، وبين وجوه الخطأ في متبنياتهم بأُسلوب عقلي ينم عن روح علمية نزيهةٍ موضوعيةٍ متناهية ، حيث لاينكر عليهم شيئاً إلا بدليل ، ولايعرض رأياً إلا ويدعمه بحجة من القرآن أو العقل ، فقال عند تفسيره لقوله تعالى :
(وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) ٢
|
واستدلت المعتزلة بهذه الآية على أنّ فاسق أهل الصلاة مخلد في النار ومعاقبٌ لامحالة. |
فرد الشيخ الطوسي قائلاً :
|
وهذا لادلالة لهم فيه من وجوه ، لأنّ قوله ( وَيَتَعدّ حُدُودَهُ ) إشارةٌ إلى من يتعد جميع حدود الله ، ومن كان كذلك فعندنا يكون كافراً ، وأيضاً فلا خلاف إنّ الآية مخصوصةٌ بصاحب الصغيرة ، وإنّ كان فعل المعصية ، وتعدّى حداً ، فإنّه خارج منها ، فإنّ جاز لهم إخراج الصغيرة منها بدليل جاز لنا أنْ نخرج من يتفضّل الله عليه بالعفو ، أو يشفع فيه النبى صلىاللهعليهوآله ، وأيضاً ، فإنّ التائب لابدّ من اخراجه من هذه الآية ، لقيام الأدلّة على وجوب قبول التوبة ، فكذلك يجب أن يشترط من يتفضل الله باسقاط عقابه ، فإنْ قالوا : قبول التوبة واجب ، والعفو ليس بواجبٍ ، قلنا : قبول التوبة واجب إن حصلت ، وكذلك سقوط العقاب واجب إذا حصل العفو ، فإن قالوا : يجوز أن لايختار الله العفو ، قلنا : وكذلك يجوز أن لايختارالعاصي التوبة ، فإن جعلوا الآية دالّةً على أن الله لايختار العفو ، جاز لغيرهم أن يجعل الآية دالة على أن العاصي لايختار التوبة على أن هذه الآية معارضة باياتٍ كثيرة في وقوع العفو كقوله : ( وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ) ٣ وقوله (إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ |
____________
١. الطوسي ، التبيان ، ج ٤ ، ص ١٢٩ ، ١٣٠.
٢. النساء ٤ الآية ١٤.
٣. النساء ٤ الآية ٤٨.