(وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا ... ) ١
فقالوا بخلود مرتكب الكبيرة في النار ، وأنّه إذا قتل مؤمناً فإنه يستحق الخلود ولا يعفى هذه بظاهر اللفظ فاحتج عليهم الطوسي بقوله :
|
وإنّا إن نقول : ما أنكرتم أنْ يكون المراد بالآية الكفار ومن لاثواب له أصلاً فأمّا من هومستحق للثواب ، فلا يجوز ان يكون مراداً بالخلود أصلاً. |
ثم أكّد ذلك بقوله وقد روي عن أصحابنا : أنّ الآية متوجهةٌ إلى من يقتل المؤمن لإيمانه وذلك لايكون إلا كافراً ٢.
هذا وقد حضي المجبرة بالقسط الأوفر من ردود الشيخ الطوسي وإشكالاته عليهم حيث كان مرة يفند مزاعمهم ويدحض أقاويلهم ويسقط ما في أيديهم ، فقال عند تفسيره للآية الكريمة :
(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ الله عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)٣
|
وفي الآية دلالة على فساد قول المجبرة من ثلاثة وجوه : أحدها : قوله ( هُدَىً للنّاس ) فَعَم بذلك كلّ إنسان مكلف ، وهم يقولون ليس يهدي الكفار. الثاني : قوله تعالى ( يُرِيدُ الله بِكُمُ اليُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ ) والمجبرة تقول : قد أراد تكليف العبد ما لايطيق مما لم يعطه عليه قدرة ولايعطيه ، ولا عسر أعسر من ذلك. الثالث : لو أنّ الإنسان حمل نفسه على المشقة التي يخاف معها التلف في الصوم لمرض شديد لكان عاصياً ولكان قد حمل نفسه على العسر الذي أخبر الله : أنّه لايريده بالعبد ، والمجبرة تزعم أنّ كلّ ما يكون من العبد من كفرٍ أو عسرٍ أو غير ذلك من أنواع الفعل |
__________________
١. النساء ( ٤ ) الآية ٩٣.
٢. الطوسي ، التبيان ، ج ٣ ، ص ٢٩٥.
٣. البقرة ( ٢ ) الآية ١٨٥.