قال مفسرنا :
|
وفي الآية دلالة على فساد مذهب المجبرة من وجهين : أحدهما : إنهم كانوا قادرين على الإيمان في الدنيا ، فلذلك طلبوا تلك الحال ، ولولم يكونوا قادرين لما طلبوا الرد إلى الدنيا والى مثل حالهم الأُولى. والآخر : بطلان مذهب المجبرة في تكليف أهل الآخرة ... وهو خلاف القرآن والإجماع ، ولو كانوا مكلفين لما طلبوا الرجوع إلى الدنيا ، ليؤمنوا ، بل كانوا يؤمنون في الحال. ١ |
وعند تفسيره لقوله تعالى :
(كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء ذَكَرَهُ ) ٢
قال الطوسي :
|
وقواه (فَمَن شَاء ذَكَرَهُ) دليلٌ على بطلان مذهب المجبرة في أن القدرة مع العقل ، وأن المؤمن لاقدرة له على الكفر ، وأن الكافر لايقدر على الإيمان ، لأنّه تعالى بيّن أن من شاء أن يذكره ذكره ، لأنّه قادر عليه. ٣ |
ولم يكتف الشيخ الطوسي بالرد على أصحاب الآراء من أتباع الفرق والمذاهب الإسلاميّة المختلفة ، وكذلك أهل الكتاب ، وإنّما حاور الملحدين أيضاً ، وأبطل مزاعمهم فلنستمع إليه يقول :
|
وقصة أصحاب الفيل من الأدلة الواضحة والحجج اللائحة على الملحدين ومن أنكر الصانع ، لأنّه لايمكن نسب ذلك إلى طبيعة ولاموجبٍ ، وكما تأولوا الزلازل والرياح والخسوف وغير ذلك مما اهلك الله به الأُمم ، لأنّه ليس في الطبيعة اقبال طيرٍ بأحجارٍ ، وتقصد أقواماً دون غيرهم حتى تهلكهم بما ترميهم به ، ولاتعدّى إلى غيرهم ، بل ذلك من أوضح الأدلة على أنه من فعل الله تعالى ، وليس لأحدٍ أن يضعف ذلك ، وينكر الخبر به ، لأنّ النبي (ص) لما قرأ على أهل مكة هذه السورة ، كانوا قريبـي العهد بالفيل ، فلو لم يكن كذلك ، ولم يكن له أصلٌ لأنكروه ، فكيف وهم أرخوا به كما أرخوا بنيان الكعبة وموت |
__________________
١. الطوسي ، التبيان ، ج ٤ ، ص ٤٢٠ ، ٤٢١.
٢. عبس ( ٨٠ ) الآيات ١١ و ١٢.
٣. الطوسي ، التبيان ، ج ١٠ ، ص ٢٧١.