وهو قوله تعالى : (َتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ) ١.
ويأتي اهتمام المفسرين بهذا اللون من التفسير ، لأنّ القرآن وكما قال عنه الإمام علي عليهالسلام : ينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض ٢.
وبهذا يقول الزمخشري مادحاً لهذا النوع من التفسير : « أسد المعاني ما دل عليه القرآن »٣.
ويقول ابن تيمية :
|
ان أصح الطرق في ذلك ـ يعني التفسير ـ أن يفسر القرآن بالقرآن فما أُجمِلَ في مكان قد فسر في موضع آخر ، وما أُختصر في مكان فقد بسط في موضع اخر ٤. |
والشيخ الطوسي اعتمد هذا الأُسلوب في تفسيره لآيات الكتاب المبين ، فتراه أحياناً يفسر مفردة قرآنية بجمع القرائن الدالة على معناها ، من خلال إحضاره لعدد من الآيات التي تشكل بمجموعها دليلاً قاطعاً على المراد ، كما نجده أحياناً يثبت حكماً شرعياً تنص عليه آية بضمه آيات أُخرى إليها فتتكامل الصورة الداخلة على الحكم من خلال آياتٍ قرآنيةٍ متفرقة يعمل الطوسي على جمعها في المورد ، كما يستعين بالآيات القرآنية أحياناً في دعم رآي له ، أو رد آراء غيره من المفسرين عندما يراهم قد ابتعدوا في تفسيرهم عن الصواب ، كما يحاول في مناسباتٍ عديدة من أن يحل إشكالاً ظاهريا أو تناقضاً بدويّاً بين بعض الآيات القرآنية ، وبهذا يكون الطوسي قد استفاد من القرآن أيما استفادة في شرحه لمعاني الآيات ومفاهيمها ، وهنا نورد جملة من الشواهد التي تؤكد انتهاجه لهذا النوع من التفسير ، فهو عند تفسيره لكلمة الرب في قوله تعالى (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ٥ قال :
|
أمّا الرب فله معنيان في اللغة ، فيسمى السيد المطاع ربا ، ومنه قوله تعالى : (أَمَّا أَحَدُكُمَا |
__________________
١. الطبرسي ، مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٧٨. والآية : إبراهيم ( ١٤ ) ٥٠.
٢. محمد عبده ، شرح نهج البلاغة ، ج ٢ ، ص ١٧ ، بيروت.
٣. الزمخشري ، الكشاف ، ج ٢ ، ص ١٩٣.
٤. ابن تيمية ، مقدمة في أُصول التفسير ، تحقيق د. عدنان زرزور ، ص ٦٣.
٥. الفاتحة ١. الآية ٢.