وقد يتوسع الشيخ الطوسي ويسهب في شرح بعض المفردات القرآنية ، وياتي بالشواهد القرآنية العديدة على توضيح المعنى المراد كما في قوله تعالى : (وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) ١.
فقال :
|
يعني في العدل من غير حاجة إلى خطٍ ولاعقد ، لانه ـ عز وجل ـ عالمٌ به ، وانمايحاسب العبد مظاهرةً في العدل ، واحالةً على مايوجبه الفعل من خيرٍ او شر ... ونقول من الحساب : حسب الحساب يحسبه حسباً ... واحسبني من العطاء احساباً اي كفاني (عَطَاء حِسَابًا) ٢ اي كافياً. والحسبان : سهام قصار ومنه (وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاء) ٣. (يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ) ٤ اي بغير تضييقٍ. (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ) ٥ اي قدر لها مواقيت معلومةً لايعدونها ٦. |
وهكذا نجده ياتي بكل لفظ مشابهٍ او قريبٍ من الحساب ، فيعطيه مايستحقه من التوضيح والبيان ، وبهذا يكون الشيخ الطوسي ، قد منح قارئ التبيان اوسع فرصةٍ للاستفادة من المفردة القرآنية من خلال ربطها بغيرها ، فتتكامل الصورة عن الكلمة ومشتقاتها ، ومايقرب منها فى الذهن مع شد القارئ لاستحضار العديد من الآيات القرآنية ، والتي من شانها ان تخلق في ذهنه نوعاً من المران ، يستطيع من خلالها ان يربط بين المتشابه في الالفاظ القرآنية ، ويخلق منها وحدة متكاملة ، لاشباع الموضوع واغنائه ، وهو اسلوبٌ عملي عال لايستبعد ان يكون الشيخ الطوسي هادفاً لخلقه ، سيّما وانّه قد مارس طريقة الحوار ردحاً من الزمن ، واعطته المناظرات العقائدية المستمرة مع علماء عصره مثل هذه
__________________
١. البقرة ( ٢ ) الآية ٢٠٢.
٢. النبا ( ٧٨ ) الآية ٣٦.
٣. الكهف ( ١٨ ) الآية ٤١.
٤. البقرة ( ٢ ) الآية ٢١٢.
٥. الرحمن ( ٥٥ ) الآية ٥.
٦. انظر التبيان ، ج ٢ ، ص ١٧٤.