الشيخ الطوسي وزعامته الفكريّة للإماميّة
بعد وفاة الشريف المرتضى عام ٤٣٦ ه ـ استقل الشيخ الطوسي بالزعامة الدينيّة للمذهب الشيعي الإمامي ، وأصبح علماً من أعلام الإماميّة وزعيماً لهم ، وكانت داره في الكرخ ببغداد ماوى الأُمّة ومقصد الوفاد يؤمونها لحلِّ مشاكلهم وإيضاح مسائلهم ١ ، ولقب بالإمام ، وهو أسمى الألقاب العلميّة عند الشيعة الإماميّة ، وقدتقاطر العلماء للحضور تحت منبره حتّى بلغ عدد تلاميذه أكثر من ثلاثمائة من مختلف المذاهب الإسلاميّة ٢.
وقد أدركَ العباسيون مكانة الشيخ الطوسي العلمية فقام الخليفة العباسي القائم بأمر الله ٣ ( ٤٢٢. ٤٦٧ ه ) بمنح شيخنا كرسي الكلام ، وكان هذا الكرسي لايعطى إلا لرئيس علماء وقته ٤ وقدحصل عليه الشيخ الطوسي رغم الاختلاف المذهبي القائم بينه وبين الخليفة العباسي ، ممايؤكد علو كعب الشيخ في بغداد ، وعدم وجود من يصلح له غيره ، ولا حتّى من يدانيه في العلم والمعرفة ، الأمر الذي اضطر معه القائم بأمر الله أنْ يمنح الكرسي العلمي لواحدٍ من علماء الشيعة وفقهائها ، ولم يَرقْ لحساد الطوسي ومخالفيه ان يتربع على كرسي الكلام ، فأثار ذلك حسدهم فوشوا به إلى الخليفة بتهمة شتم الصحابة وسبهم في كتابه المصباح ، فى زيارة عاشوراء حيث يقول فيها :
« اللهم خصّ أنت أول ظالمٍ باللعن منّي وإبدأ به أولاً ثمّ الثاني ثمّ الثالث ثمّ الرابع والعن يزيد خامساً ٥.
فارسل عليه الخليفة واستجوبه عنها ، فنفى عن نفسه التهمة قائلاً :
|
المراد بأول ظالم قابيل قاتل هابيل ، وهو أول من بدأ بالقتل وسنه ، والمراد بالثاني |
__________________
١. بحر العلوم ، مقدمة الأمالي للشيخ الطوسي ، ج ١ ، ص ١٠.
٢. أسد حيدر ، الإمام الصادق ، ج ٢ ، ص ٣١٧ ، القمي ، الكنى والألقاب ، ج ٢ ، ص ٣٦٣.
٣. القائم بأمر الله هو عبد الله بن القادر باللّه أحمد.
٤. هروي ، حديقة الرضوية ، ص ١٩.
٥. المامقاني ، تنقيح المقال ، ج ٣ ، ص ١٠٥ ، التستري ، مجالس المؤمنين ، ص ٢٠١.