كما كتب الشيخ الطوسي كتاباً قيّما في الفقه المقارن حمل اسم الخلاف أو مسائل الخلاف مع الكلّ في الفقه وكانت أجواءُ الانفتاح في بغداد هي التي دفعت الشيخ الطوسي لكتابه هذا الكتاب حيث كانت المناضرة والجدل والحوار سمةً من سِماتِ الحركةِ العلميّة في بغداد آنذاك ، وبذلك فإنّ كتابَ الخلافَ قد تضمّن الكثير من آراء المذاهبِ الإسلاميّة إضافةً إلى ما اجتمعت عليه الفرقةُ ـ الإماميّة ـ من مسائل الدينِ ١.
وفي مسائل الخلاف مع الكلّ في الفقه تألَّق نجم الشيخ الطوسي في دنيا الاجتهاد ، حيث كان يناقش الآراء ، وينتقدها مستنداً إلى الأدلّة العلميّة ، وقد بين ذلك في مقدمة كتابه إذ يقول :
|
وذكر مذهب كلّ مخالفٍ على التعيين وبيان الصحيح منه وماينبغي أن يعتقد ، وأن أقرن كلّ مسألةٍ بدليلٍ نحتج به على من خالفنا موجب للعلم من ظاهر قرآن أو سنةٍ مقطوعٍ بها أو اجماع أو دليل خطابٍ أو استصحاب حالٍ ـ على مايذهب إليه كثيرٌ من أصحابنا ـ أودلالة أصلٍ أو محتوى خطابٍ ٢. |
ومما ألّف الشيخ الطوسي ـ إبّان زعامته الفكرية للإمامية وأثناء إقامته في بغداد ، والتي دامت اثنتي عشرةً سنةً من ٤٣٦ ه ـ والى سنة ٤٤٨ ه كتاب المفصح في الإمامة والغيبة والإيجاز في الفرائض والاقتصاد والجمل والعقود كما لايستبعد ضياع بعض آخر بسبب الفتن والاضطرابات التي عصفت ببغداد بعد دخول السلاجقة إليها عام ٤٤٧ ه ، الأمر الذي اضطرمعه الشيخ الطوسي للهجرة إلى مدينة النجف الأشرف ، ليرسي هناك دعائم مدرسته الجديدة فيها ، والتي كتب لها أن تكون من أهم الجامعات الإسلاميّة في العالم وإلى يومنا هذا.
غادر الشيخ الطوسي بغداد مرغماً ، وتوجه صوب مدينة النجف ، حيث قبر أميرالمؤمنين علي بن ابي طالبٍ عليهالسلام ، وقددخل المدينة عام ٤٤٨ ه ، ويبدو أنّ اختيار الشيخ
__________________
١. بحر العلوم ، الرجال ، ج ٣ ، ص ٢٣٠.
٢. الطوسي ، الخلاف ، ج ١ ، ص ٢.