وقد فقد الأمن واضطرب النظام فنهبت الرصافة وتَرِبَ الخلفاءُ ١.
كلّ هذا كان يجري وإلى جانبه يضيع الكثير من التراث الإسلامي ، ويأفل نجم الفكروالعلم والأدب ، ويتعرض رجاله للاضطهاد والتعذيب ، وكان شيخنا الطوسي واحداً من بين العديدين من العلماء الذين تعرضوا للأذى ، حيث كبست داره واُحرقت كتبه ٢ ، وفي عام ٤٥١ ه اُحرقت بغداد الكرخ وبين السورين واحترقت فيه خزانة الكتب التي أَوقفها أردشير الوزير ٣.
ومن الجدير بالذكر أن مكتبة الوزير البويهي سابور بن أردشير غدت من أهم مراكزالتشيع واهم الوسائل لبث الدعوة الشيعية آنذاك ٤.
مما حمل السلاجقة على شن هجوم عنيفٍ ضد كل المؤسسات الدينية والتعليمية للشيعة بما فيها أوقاف التعليم ٥ ، الأمر الذي أفقد المكتبة الإسلاميّة نفائس الكتب التي صارت هدفاً لأطماع الموظـفين وأصحاب الغنائم الخاصة ٦ ، بالإضافة إلى ذلك فقدعمد السلاجقة إلى تأسيس المدرسة النظاميّة في بغداد كوسيلة لمقاومة التشيع على الصعيد الفكري ٧ ، ولغرض إيقاف التيار العقلي الذي كان ينتهجه الشيعة والمعتزلة أيضاً ، وقد بذل الوزير السلجوقي في هذا السبيل جهوداً كبيرة وأموالاً كثيرة ، يظهر ذلك بوضوحٍ من خلال قراءة بعض ماجاء برسالته إلى ألب أرسلان والتي يقول فيها :
|
جعلت لك من خراسان جنداً ينصرونك ولايخذلونك ، ويرمون دونك بسهامٍ لاتخطئ ، وهم العلماء والزهاد ، فقد جعلتهم بالإحسان إليهم من أعظم أعوانك ٨. |
__________________
١. الحموي ، معجم البلدان ، ج ٢ ، ص ٧٨٤ ، ابن الأثير ، الكامل ، ج ٩ ، ص ٢٥٥.
٢. السبكي ، طبقات الشافعيه ، ج ٤ ، ص ١٢٧ ؛ ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج ١٢ ، ص ٧١.
٣. ابن الأثير ، الكامل ، ج ١٠ ، ص ٣.
٤. غنيمة ، تاريخ الجامعات ، ص ٥٨.
٥. فياض ، تاريخ التربية ، ص ٢٦١.
٦. ابن الأثير ، الكامل ، ج ١٠ ، ص ٣.
٧. فياض ، تاريخ التربية ، ص ١٠٢.
٨. ابن الأثير ، الكامل ، ج ١٠ ، ص ١٥.