نشأة التفسير وتطوّر مناهجه
لما كان القرآن الكريم كتاب الله الذي أنزله على رسوله الأمين محمد صلىاللهعليهوآله ، ليخرج به الناس من الظلمات إلى النور ، فإنّه لابد للمسلمين من أنْ يتفهموا معانيه ، ويفقهوا آياته ليتمكنوا من العمل على ضوء تعاليمه ووفق مفاهيمه وعلى وحي من هداه ، وكان لابد لرسول الله صلىاللهعليهوآله من أن يبين للناس ما في هذا الكتاب العزيز ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )١ ، خاصة وأنّ القرآن الكريم قداحتوى المحكم والمتشابه من الآيات والمطلق والمقيّد من الأحكام ، فضلاً عن تضمنه الحقيقة والمجازوالتصريح والكناية ، وفعلاً فقد تولّى رسول الله صلىاللهعليهوآله مسؤولية التفسير والشرح لآيات الكتاب طيلة سنِّي حياته ، ليوضح أسباب النزول ويبين مايحتاج إلى البيان من المجمل والمتشابه والناسخ والمنسوخ ، كما ويشرح عمليّاً بعض الأحكام العبادية والواجبات الشرعية التي جاء بها الكتاب المجيد ، وفي هذا الصدد كان هناك رأيان حول ما إذا كان الرسول صلىاللهعليهوآله قد بيّن للصحابة كتاب الله كلّه ، ألفاظه ومعانيه أم لا؟ فابن تيمية يؤكّد أنّ الرسول صلىاللهعليهوآله كان قد بيّن
__________________
١. النحل ( ١٦ ) الآية ٤٤.