واستعمال العقل في معرفة آيات الله وأحكامه ، وقد حفل التبيان بالعديد من الإشارات التي تنم عن المنهجية العقلية التي كان يتبعها مفسرنا في تصديه لتفسير آيات الكتاب العزيز والتي يمكن تلخيصها فيما يلي :
تبنى الشيخ الطوسي موقفاً مؤيداً لاستخدام العقل والنظر في فهم أُمور الشريعة ، وقد أورد الكثير من الردود في تفسيره على الذين يقولون بحرمة النظر ، كما استدل بالقرآن على صحة رأيه القائل بضرورة النظر وإعمال العقل ، وهنا نورد بعض الأمثلة التي امتلأبها تفسير التبيان منها :
مثال :
فى تفسيره للآية الكريمة :
( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ الله كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) ١ قال الشيخ الطوسي :
|
والمَثَلُ ذكرٌ سائر يدل على أنّ سبيل الثاني سبيل الأوّل ، فذكر الله آدم بأن أنشأه من غير والدٍ ، يدل على أنّ سبيل الثاني سبيل الأول في باب الإمكان والقدرة ، وفي ذلك دلالةٌ على بطلان قول من حرم النظر ، لأنّ الله تعالى احتج به على المشركين ، ولا يجوز أن يدلهم إلا بما فيه دليلٌ ، فقياس خلق عيسى من غير ذكرٍ كقياس خلق آدم ، بل هو فيه أوجب ، لأنّه في آدمُ من غير أُنثى ولا ذكرٍ ٢. |
مثال : وعند تفسيره لقوله تعالى :
( أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) ٣
قال الطوسي :
__________________
١. آل عمران ( ٣ ) الآية ٥٩.
٢. الطوسي ، التبيان ، ج ٢ ، ص ٤٨٢.
٣. الملك ( ٦٧ ) الآية ٢٢.