وبينَ طَرَابُلُسَ ثلاثَةُ أَيّامٍ ، وإِلى القَيْروَانِ سِتَّةُ أَيّامٍ ، وفي هذا الجبلِ نَخْلٌ وزَيْتُونٌ وفَواكِهُ ، وافْتَتَح عَمْرُو بن العاصِ ، رضي الله تعالى عنه ، نَفُوسَةَ ، وكانُوا نَصَارَى.
نَقَلَه ياقُوت.
وأَنْفَسَهُ الشَّيْءُ : أَعْجَبَهُ بنَفْسِه ، ورَغَّبَه فيها ، وقال ابنُ القَطّاعِ : صار نَفِيساً عِنْدَه ، ومنه حَدِيثُ إِسماعِيلَ عليهالسلامُ : «أَنَّهُ تَعَلَّم العَرَبِيَّةَ وأَنْفُسَهُم». وأَنْفَسَه في الأَمْرِ : رَغَّبَهُ فيه ويُقَالُ منه : مالٌ مُنْفِسٌ ومُنْفَسٌ ، كمُحْسِنٍ ومُكْرَمٍ ، الأَخِيرُ عن الفَرّاءِ : أَي نَفِيسٌ ، وقيلَ : كَثِيرٌ ، وقيل : خَطيرٌ ، وعَمَّه اللَّحْيَانِيُّ ، فقال : كُلُّ شيْءٍ له خَطَرٌ فهو نَفِيسٌ ومُنْفِسٌ.
ومِن المَجَازِ : تَنَفَّسَ الصُّبْحُ أَي تَبَلَّجَ وامتدَّ حتى يَصِيرَ نَهَاراً بَيِّناً (١) ، وقال الفَرّاءُ في قولِه تعالَى (وَالصُّبْحِ إِذا) تَنَفَّسَ (٢) قال : إِذا ارْتَفَع النَّهَارُ حتَّى يَصِيرَ نَهَاراً بَيِّناً.
وقال مُجَاهِدٌ : (إِذا) تَنَفَّسَ ، إِذا طَلَع ، وقال الأَخْفَشُ : إِذا أَضاءَ ، وقال غيرُه : إِذا انْشَقَّ الفَجْرُ وَانْفَلَق حتَّى يَتَبَيَّنَ منه (٣).
ومِن المَجَاز : تَنَفَّسَتِ القَوْسُ : تَصَدَّعَتْ ، ونَفَّسَها هُو : صَدَّعَها ، عن كُرَاع ، وإِنَّمَا يَتَنَفَّسُ مِنْهَا العِيدَانُ الّتِي لم تُغْلَقْ ، وهو خَيْرُ القِسِيِّ ، وأَمّا الفِلْقَةُ فلا تَنَفَّسُ. يُقَالُ للنَّهَارِ إِذا زاد : تَنَفَّسَ وكذلك المَوْجُ إِذا نَضَحَ الماءَ وهو مَجَازٌ.
وتَنَفَّس في الإِناءِ : شَرِب مِن غيرِ أَنْ يُبِينَه عن فِيهِ ، وهو مَكرُوهٌ.
وتَنَفَّسَ أَيْضاً : شَرِبَ من الإِنَاءِ بثَلاثَةِ أَنْفَاس ، فأَبَانَهُ (٤) عن فِيهِ في كُلِّ نَفَسٍ ، فهو ، ضِدٌّ ، وفي الحَدِيث «أَنَّه صلىاللهعليهوسلم كان يَتَنَفَّسُ في الإِناءِ ثَلاثاً» وفي حَدِيثٍ آخَرَ : «أَنه نَهَى عَنِ التَّنَفُّسِ في الإِناءِ ، قالَ الأَزْهَرِيّ : قال بعضُهُم : الحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ ، والتَّنفُّسُ له مَعْنَيَانِ ، فَذَكَرهما مِثْلَ ما ذَكَرَ المصنِّفُ. ونَافَسَ فيه مُنَافَسَةٌ ونِفَاساً ، إِذا رَغِبَ فيه على وَجْهِ المُباراةِ في الكَرَم ، كَتَتَنافَسَ ، والمُنَافَسَةُ والتَّنَافُسُ : الرَّغْبَة فِي الشَّيْءِ والانْفرَادُ به ، وهو منَ الشَّيْءِ النَّفِيس الجَيِّدِ في نَوعه ، وقولُه عَزّ وجلّ : (وَفِي ذلِكَ) فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ (٥) أَي فلْيَتَراغَب المُتَرَاغبُونَ.
* وممَّا يُسْتَدْرَك عليه :
قال ابنُ خالَوَيْه : النَّفْسُ : الأَخُ ، قال ابنُ بَرّيّ : وشاهدُه قولُه تَعَالَى : (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى) أَنْفُسِكُمْ (٦) قلتُ : ويَقْرُبُ من ذلكَ ما فَسَّر به ابنُ عَرَفَةَ قولَه تعالَى : (ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ) بِأَنْفُسِهِمْ (خَيْراً) (٧) أَي بأَهْل الإِيمان وأَهْل شَرِيعَتهم.
والنَّفْسُ : الإِنْسَانُ جَميعُه ، رُوحُه وجَسَدُه ، كقولهم : عنْدي ثَلَاثَةُ أَنْفُس ، وكقوله تَعَالَى : (أَنْ تَقُولَ) نَفْسٌ (يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) (٨) قَالَ السُّهَيْليُّ في الرَّوْض : وإِنَّمَا اتُّسِعَ في النَّفْسِ وعُبِّرَ بهَا عن الجُمْلَة ، لغَلَبَةِ أَوْصافِ الجَسَد على الرُّوح حَتَّى صارَ يُسَمَّى نَفْساً ، وطَرَأَ عليه هذا الاسْمُ بسَبَبِ الجَسَد ، كما يَطْرَأُ على المَاءِ في الشَّجَر أَسْمَاءٌ على حَسَب اخْتِلافِ أَنواع الشَّجَر ، من حُلْوٍ وحامضٍ ومُرٍّ وحِرِّيفٍ ، وغير ذلك. انتهى.
وقال اللِّحْيَانِيُّ : الغَرَبُ تقولُ : رَأَيْتُ نَفْساً وَاحِدَةً ، فَتُؤنَّثُ ، وكذلك رأَيتُ نَفْسَيْن ، فإِذا قالوا : رأَيْتُ ثَلاثَةَ أَنْفُسٍ وأَربَعَةَ أَنْفُسٍ ، ذَكَّرُوا ، وكذلك جميعُ العَدَد ، قال : وقد يكونُ التَّذْكِيرُ في الواحِدِ والاثْنَيْنِ ، والتَّأْنِيثُ في الجَمْعِ ، قال : وحُكِيَ جميعُ ذلِك عن الكِسَائِيّ. وقال سِيبَوَيْه : وقالُوا ثَلاثَةُ أَنْفُسٍ ، يُذكِّرُونَه ، لأَنّ النَّفْسَ عِنْدَهُمْ يُرِيدُون به الإِنْسَانَ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُم يَقُولُونَ : نَفْسٌ وَاحِدٌ ، فلا يُدخِلون الهاءَ ، قالَ : وزَعَم يُونُسُ عن رُؤْيَةَ أَنَّه قال : ثَلاثُ أَنْفُسٍ ، على تَأْنِيثِ النَّفْسِ ، كما تَقُول : ثلاثُ أَعْيُنٍ ، للعَيْنِ مِن النّاسِ ، وكما قالُوا : ثَلاثُ أَشْخُصٍ في النِّساءِ ، وقال الحُطَيْئَةُ :
__________________
(١) هذا قول الزجاج في تفسير قوله تعالى : (وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ).
(٢) سورة التكوير الآية ١٨.
(٣) لفظة «منه» أقحمت في العبارة كما يتضح من عبارة التهذيب ، وفيه : حتى يتبيّن ، ومنه يقال : تنفست القوس ...
(٤) في النهاية : «يفصل فيها فاه عن الإناء» وفي التهذيب : «بين فاه عن الإناء».
(٥) سورة المطففين الآية ٢٦.
(٦) سورة النور الآية ٦١.
(٧) سورة النور الآية ١٢.
(٨) سورة الزمر الآية ٥٦.