والتَّنْجِيسُ : شيْءٌ كانَت العربُ تفعلُه ، كالعُوذَةِ تَدْفَعُ بها العَيْنَ ، ومنه قَوْلُ الشاعر :
وعَلَّقَ أَنْجَاساً علَيَّ المُنَجِّسُ
قلْتُ : وصَدْرُه :
ولو كانَ عِنْدِي كاهِنَانِ وحَارِسٌ
وقال ابنُ الأَعْرَابيّ : من المَعَاذَاتِ : التَّميمَةُ والجُلْبَةُ والمُنَجّسَة. ويقال : المُعَوَّذُ مُنَجَّسٌ (١) ، قال ثَعْلَبٌ : قلت له : لِمَ قِيلَ للمُعَوَّذِ : مُنَجَّسٌ ، وهو مأْخُوذٌ من النَّجَاسَة؟
فقالَ : لأَنَّ للعَرَبِ أَفْعَالاً تُخَالِفُ مَعانِيهَا أَلْفَاظَهَا ، يُقَال ؛ فُلانٌ يَتَنَجَّسُ إِذا فَعل فِعْلاً يَخْرُج به مِن النَّجَاسَة ، وسَاقَ العِبَارَةَ الَّتي سُقْنَاهَا آنِفاً.
قلتُ : وسَبَقَ أَيضاً إِنْشَادُ قولِ العَجّاج في «ح م س» :
وَلَمْ يَهَبْنَ حُمْسَةً لأَحْمَسَا |
|
ولَا أَخَا عَقَدٍ ولا مُنَجِّساً |
ومن سَجَعَاتِ الأَسَاس : إِذا جاءَ القَدَرُ لَم يُغْنِ المُنَجِّمُ ولا المُنَجِّسُ (٢) ، ولا الفَيْلَسُوفُ ولا المُهَنْدِس (٢). قالَ وهو الَّذِي يُعَلِّقُ على الَّذِي يُخافُ عليه الأَنْجَاسَ ، مِن عِظَامِ المَوْتَى ونَحْوِهَا ، لِيَطْرُدَ الجِنَّ : لنُفْرَتِهَا من الأَقْذَارِ.
* ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه :
النَّجْسُ ، بالفَتْحِ ، وككَتِفٍ : الدَّنِسُ القَذِرُ مِن النّاسِ.
ودَاءٌ نَجِسٌ ، ككَتِفٍ : عَقِيمٌ ، وقد يُوصَفُ به صاحِبُ الداءِ ، وكذلِكَ في أَخَواتِه الّتِي ذَكَرَهَا المصنِّف.
والنَّجْسُ ، بالفَتْح : اتِّخَاذُ عُوذَةِ الصَّبِيِّ ، وقد نَجَسَ له ونَجَّسه : عَوَّذَه.
والنِّجَاسُ ، بالكَسْرِ : التَّعْوِيذُ ، عن ابنِ الأَعْرابِيِّ ، قالَ : كأَنَّهُ الاسْمُ من ذلِكَ.
قالَ : والنُّجُسُ : بضَمَّتَيْنِ : المُعَوِّذُون ، وفي بعض النُّسَخِ : المُعَقِّدُون ، والمَعْنَى وَاحِدٌ : وهم الّذِين يَرْبِطُون على الأَطْفَالِ ما يَمْنَع العَيْنَ والجِنَّ.
ومِن المجازِ : نَجَّسَتْه الذُّنُوبُ.
والنَّاسُ أَجْنَاسٌ ، وأَكثَرُهم أَنْجَاس. وتقول : لا تَرَى أَنْجَسَ من الكافِر ، ولا أَنْحَسَ من الفَاجِر ، كما في الأَساس.
والمَنْجَسُ : جُلَيْدَةٌ تُوضَعُ على حَزِّ الوَتَرِ.
[نحس] : النَّحْسُ ، بالفَتْحِ : الأَمْرُ المُظْلِمُ ، عن ابنِ عَبّادٍ.
وقالَ الأَزْهَرِيُّ : والعَرَبُ تُسَمِّي الرِّيح البارِدَة إِذَا (٣) أَدْبَرَتْ نَحْساً. وقِيلَ : هو الرِّيحُ ذاتُ الغُبَارِ.
وقال ابنُ دُرَيْدٍ (٤) : النَّحْسُ الغُبَارُ في أَقْطَارِ السَّمَاءِ إِذا عَطَف المَحْلُ ، قال الشّاعِرُ ؛
إِذا هَاجَ نَحْسٌ ذُو عَثَانِينَ والْتَقَتْ |
|
سَبَارِيتُ أَغْفَالٌ بهَا الآلُ يَمْصَحُ |
والنَّحْسُ : ضِدُّ السَّعْدِ من النُّجُومِ وغيرِهَا ، والجَمْع : أَنْحُسٌ ونُحُوسٌ.
وقد نَحِسَ ، كفَرِحَ وكَرُمَ نَحَساً ونُحُوسَةً ، الثاني لُغَةٌ في نَحِسَ ، بالكَسْر ، ومنه قِراءَةُ عبد الرحمن بن أَبي بَكْرَةَ :
(مِنْ نَارٍ ونَحُسَ) (٥) على أَنه فِعْلٌ ماضٍ : أَي نَحُسَ يَوْمُهُمْ أو حالُهم فهو نَحِسٌ ، بالفَتْح ، وككَتِفٍ ، ونَحِيسٌ ، كأَمِيرٍ ، ويومٌ نَحِسٌ ، وأَيّامٌ نَحْسٌ ، وهي أَيَّامٌ نَحِيسَةٌ ونَحِسَةٌ ونَحِساتٌ ، بسكون الحاءِ وكسرها ، وقرأ أبو عمرو (فَارْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيّامٍ نَحْسَاتٍ) (٦) قال الأَزْهَرِيُّ : هي جَمع أَيّامٍ نَحْسَةٍ (٧) ، ثُمَّ نَحْسَات : جَمْعُ الجَمْع.
وقُرِىءَ نَحِساتٍ وهي المَشْؤوماتُ عليهِم ، في الوَجْهَيْنِ ، بكسرِ الحاءِ ، وقَرَأَ به قَرَأَ به قُرّاءُ الكُوفَةِ والشّامِ ويَزِيدُ ، والبَاقُونَ بسُكُونها.
وفي الصّحاحِ : وقُرِىءَ قولُه تَعالى : (فِي يَوْمٍ نَحْسٍ) (٨) على الصِّفَةِ. والإِضَافَةُ أَكْثَرُ وأَجْوَدُ ، وقد نَحِسَ الشيءُ. بالكَسْرِ ، فهو نَحِسٌ أَيضاً ، قالَ الشاعِرُ :
أَبْلِغْ جُذَاماً ولَخْماً أَن إِخْوَتَهُمْ |
|
طَيًّا وبَهْرَاءَ قَوْمٌ نَصْرُهُم نَحِسُ |
__________________
(١) في القاموس ضبط المعوّذ منجس بالكسر فيهما وضبطت عن التهذيب واللسان وفيهما : ويقال للمعوَّذ : منجَّس.
(٢) في الأساس : «والمنجس ... والمهندس» باسقاط «لا».
(٣) في التهذيب واللسان : إذا دبرت.
(٤) جمهرة ٣ / ١٥٧.
(٥) سورة الرحمن الآية ٣٥ وقراءة الجمهور : (مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ) ، وقرىء : ونِحاس.
(٦) سورة فصلت الآية ١٦.
(٧) عن التهذيب وبالأصل «نحيسة».
(٨) سورة القمر الآية ١٩.