بخع بَخْذَعَهُ ، بالخَاءِ والذالِ المُعْجَمَتَيْنِ ، كما فِي نُسْخَةٍ (١) أُخْرَى ، وقَدْ أَهْمَلَهُ الجَوْهَرِيُّ. وقَالَ ابنُ دُرَيْدٍ : ضَرَبَهُ فَبَخْذَعَهُ ، أَي قَطَعَهُ بالسَّيْفِ ، كخَذَعَه ، وهو مَقْلُوبٌ منه.
[بخع] : بَخَعَ نَفْسَهُ ، كمَنَعَ : قَتَلَها غَمًّا ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ ، وهو مَجَازٌ. وأَنْشَدَ لذِي الرُّمَّةِ :
أَلَا أَيُّهذا الباخِعُ الوَجْدُ نَفْسُه |
|
بِشَيْءٍ نَحَتْهُ عَنْ يَدَيْكَ (٢) المَقادِرُ |
وقَالَ غَيْرُه : بَخَعَها بَخْعاً وبُخُوعاً : قَتَلَهَا غَيْظاً أَوْ غَمًّا.
وِبَخَعَ له بالحَقِّ بُخُوعاً : أَقَرَّ به وخَضَعَ له ، كبَخِعَ له ، بالكَسْرِ ، بَخَاعَةً وبُخُوعاً. ويُقَالُ : بَخَعْتُ له ، أَي تَذَلَّلْتُ وأَطَعْتُ وأَقْرَرْتُ.
وِقالَ الكِسَائِيّ : بَخَعَ الرَّكَّيةَ يَبْخَعُهَا بَخْعاً ، إِذا حَفَرَهَا حَتَّى ظَهَرَ ماؤُهَا. ومنه حَدِيثُ عائِشَةَ أَنَّهَا ذَكَرَتْ عُمَرَ رضياللهعنهما فقالَتْ : «بَخَعَ الأَرْضَ ، فقَاءَتْ أُكُلَها» ، أَيْ قَهَرَ أَهْلَها وأَذَلَّهُمْ ، واسْتَخْرَجَ ما فِيهَا من الكُنُوزِ وأَمْوَالِ المُلُوكِ.
وِمن المَجَازِ : بَخَعَ له نُصْحَهُ بَخْعاً ، إِذا أَخْلَصَهُ وبَالَغَ.
وقالَ الأَخْفَشُ : يُقَالُ : بَخَعْتُ لكل نَفْسِي ونُصْحِي ، أَيْ جَهَدْتُهُما ، أَبْخَعُ بُخُوعاً ، ومِثْلُهُ في الأَسَاسِ. ومنه حديثُ عُقْبَةَ بن عامِر رضياللهعنه ـ رَفَعَهُ ـ : «أَتَاكُمْ أَهْلُ اليَمَنِ ، هم أَرَقُّ قُلوباً ، وأَلْيَنُ أَفْئِدَةً ، وأَبْخَعُ طاعَةً» أَيْ أَنْصَحُ وأَبْلَغُ في الطَّاعَةِ من غَيرهِم ، كأَنَّهُمْ بَالَغُوا في بَخْع أَنْفُسِهِم ، أَي قَهْرِهَا وإِذْلالِها بالطَّاعَة.
وفي الأَسَاسِ : بَخَعَ ، أَيْ أَقَرَّ إِقْرَارَ مُذْعِنٍ (٣) يُبَالِغُ جَهْدَهُ في الإِذْعَانِ ، وهو مَجَازٌ.
وِمن المَجَازِ أَيْضاً : بَخَعَ الأَرْضَ بالزِّراعَةِ بَخْعاً ، إِذا نَهَكَهَا وتَابَعَ حِرَاثَتَها ، ولَمْ يُجِمَّهَا عَاماً ، أَيْ لَمْ يُرِحْهَا سَنَةً ، كما في الدُّرِّ النَّثِيرِ للجَلالِ. ويُقَالُ : بَخَعَ فُلاناً خَبَرَهُ : إِذا صَدَقَهُ.
وِبَخَعَ بالشَّاةِ ، إِذا بالَغَ في ذَبْحِهَا ، كَذَا في العُبابِ.
وقَالَ الزَّمَخْشَريُّ : بَخَعَ الذَّبيحَةَ ، إِذا بالَغَ في ذَبْحِها ، كذا هو نَصُّ الفائقِ له.
وفي الأَسَاسِ : بَخَعَ الشاةَ : بَلَغَ بذَبْحِهَا القَفَا ، وقولُهُ : حَتَّى بَلَغَ البِخَاعَ (٤) ، أَيْ هُوَ أَنْ يَقْطَعَ عَظْمَ رَقَبتِهَا ويَبْلُغ بالذَّبْحِ البِخَاعَ.
قالَ الزَّمَخْشَرِيّ : هذا أَصْلُهُ ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ في كُلّ مُبَالَغَةٍ.
وقولُه تَعالَى : فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ (عَلى آثارِهِمْ) (٥) أَي مُخْرِجٌ نَفْسَكَ وقَاتِلُهَا. قالَهُ الفَرّاء. وفي العُبَابِ : أَيْ مُهْلِكُهَا مُبَالِغاً فِيهَا حِرْصاً على إِسْلامِهِم ، زادَ في البَصَائِرِ : وفيه حَثٌ عَلَى تَرْكِ التَّأَسُّفِ ، نَحْو قَوْلِهِ تَعالَى : (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ) (٦).
وِالبِخَاعُ ، ككِتَابٍ : عِرْقٌ في الصُّلْبِ مسْتَبْطِنُ القَفَا ، كما في الكَشّافِ ، وقالَ البَيْضَاوِيّ : هو عِرْقٌ مُسْتَبْطِنُ الفَقَارِ «بتَقْدِيمِ الفاءِ على القافِ وزِيادَةِ الرّاءِ» وقَالَ قَوْمٌ : هُوَ تَحْرِيفٌ ، والصَّوَاب القَفا كَما في الكَشّاف. وقَوْلُه : يَجْرِي في عَظْمِ الرَّقَبَةِ. هكَذَا. في سائِرِ النُّسَنِ وهو غَلَطٌ ، فإِنَّ نَصَّ الفائقِ ـ بَعْدَ ما ذَكَرَ البِخَاعَ بالبَاءِ ، قالَ ـ : وهو العِرْقُ الَّذِيَ في الصُّلْبِ ، وهُوَ غَيْرُ النُّخَاعِ بالنُّونِ وهُوَ الخَيْطُ الأَبْيَضُ الَّذِي يَجْرِي في الرَّقَبَةِ ، وهكَذَا نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ أَيْضاً وصَاحِبُ اللِّسَان وابنُ الأَثِيرِ ، ومِثْلُه في «شَرْحِ السَّعْدِ على المِفْتَاحِ» ونَصُّهُ : «وأَمّا بالنُّونِ فخَيْطٌ أَبْيَضُ في جَوْفِ عَظْمِ الرَّقَبَةِ يَمْتَدُّ إِلَى الصُّلْبِ» وقَوْلُه فِيمَا زَعَمَ الزَّمَخْشَرِيّ ، أَي في فائقِهِ وكَشّافِهِ ، وقَدْ تَبِعَهُ المُطَرِّزِيّ في «المُغْرِبِ». وقال ابنُ الأَثِيرِ في النِّهَايَة : ولَمْ أَجِدْهُ لِغَيْرِه.
قالَ : وطَالَما بَحَثْتُ عَنْهُ في كُتُبِ اللُّغَةِ والطِّبِّ والتَّشْرِيحِ فَلَمْ أَجِد البِخَاعَ بالبَاءِ مَذْكُوراً في شَيْءٍ مِنْهَا. ولِذا قالَ الكواشيّ في تَفْسِيرِه : البِخَاعُ ، بالبَاءِ لَمْ يُوجَدْ وإِنَّمَا هو بالنُّونِ. قال شَيْخُنَا : وقد تَعَقَّبَ ابنَ الأَثِيرِ قَومٌ بأَنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ ثِقَةٌ ثابِتٌ وَاسِعٌ الاطِّلاعِ ، فهو مُقَدَّمٌ.
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : كما في نسخة أخرى الذي في نسخة المتن التي بأيدينا : بجعه : قطعه بالسيف : كخذعه. بخذعه : قطعه بالسيف ، كخذعيه» وبهامش القاموس : قوله : بجعه ، هذه المادة ساقطة من أكثر النسخ ولم يشرح عليها الشارح ا هـ مصححه.
(٢) في التهذيب والصحاح والأساس : عن يديه.
(٣) الأساس : بالغٍ جُهدَه.
(٤) على هامش القاموس عن نسخة أخرى : النخاع.
(٥) سورة الكهف الآية ٦.
(٦) سورة غافر الآية ٨.