الصَّاغَانِيُّ : والْقَذَرُ أَيضاً ج : مَآزِفُ ، وَأَنْشَدَ ابنُ فَارِس :
كَأَنَّ رِدَائَيْهِ إذَا مَا ارْتَدَاهُمَا |
|
عَلَى جُعَلٍ يَغْشَى الْمَآزِفَ بِالنُّخَرْ |
قال : وذلِكَ لا يكادُ أَنْ يكون إلَّا في مَضِيقٍ.
قلتُ : وفي الأَمالِي لابنِ بَرِّيّ هذا البيت ، أَنْشَدَه أَبو عمروٍ للهَيْثَمٍ بن حَسَّان التَّغْلِبِيِّ.
والأَزْفَى ، كسَكْرى : السُّرْعَةُ والنَّشَاطُ هكذا ضَبَطَه الصَّاغَانِيُّ في العُباب ، وضَبَطَه في التَّكْمِلَة بضَم الهَمزة وَسكُون الزَّاي وكسر الفاءِ وتَشْدِيد التَّحْتِيَّة.
وَفي الأَساس : وأَزِفَ الرَّحِيلُ : دَنَا وعَجِل ، ومنه : أَقْبَلَ يمْشِي الأزَفَى ، كالْجَمَزَى ، وكأَنَّهُ من الوَزِيف ، والهمزة عن واو ، وأَرَى الصَّواب ما ذَهَب إليه الزَّمَخْشَرِيُّ وأنَّ ضَبْطَ (١) الصَّاغَانِيّ في كِتَابَيْهِ خَطَأٌ.
وقال الشَّيبانِي : آزَفَنِي فلان ، على أَفْعَلَنِي ، أي : أَعْجَلَنِي.
والمُتَآزِفُ ، على مُتَفَاعِلٍ : القَصِيرُ مِن الرِّجَالِ ، وهو المُتَدَانِي ، كما في الصِّحاح ، قال : وقال أَبو زَيْد : قالتُ لأَعْرَابِيٍّ ، ما الْمُحْبَنطِىءُ؟ : قال : المُتَكَأْكِىءُ ، قلتُ : ما الْمُتَكَأْكِىءُ؟ : قال : الْمُتآزِفُ ، قلتُ : ما الْمُتآزِفُ : قال أَنْتَ أَحْمَقُ ، وتَرَكَنِي ومَرَّ ، زاد الزمَخْشَرِيُّ في الأَساسِ : إنَّمَا سُمِّيَ الْقَصِيرُ مُتآزِفاً لتَقَارُبِ خِلْقَتِهِ (٢) ، وهو مَجَاز ، وفي التَّكْمِلَة : هو قَوْلُ الأَصْمَعِيِّ ، والمُتَآزِفُ : الْمَكَانُ الضَّيِّقُ كما في اللِّسَان والعُبَابِ ، وهو أَيضاً : الرَّجُلُ السَّيِّءُ الْخُلُقِ ، الضَّيِّقُ الصَدْرِ نَقَلَه الصَّاغَانِيُّ ، وهو مَجِاز.
والتَّآزُفُ : الْخَطْوُ المُتَقَارِبُ والذي في العُبَابِ واللِّسَان : خَطْوٌ مُتآزِفٌ ، أي : مُتَقَارِب (٣).
وقال ابن فارس : تآزَفُوا : تَدَانَى بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ.
* وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه :
الْآزِفُ : المُسْتَعْجِل. والمُتَآزِفُ : الضَّعِيفُ الْجَبَان ، وبه فُسِّر قَوْلُ العُجَيْرِ السَّلُولِيِّ :
فَتًى قُدَّ السَّيْفِ لَا مُتَآزِفٌ |
|
وَلَا رَهِلٌ لَبَّاتُهُ وبَآدِلُهْ (٤) |
والآزِفُ : الْبَرْدُ الشَّدِيد ، عن ابنِ عَبَّادٍ.
[أسف] : الْأسَفُ ، مُحَرَّكَةً : أَشَدُّ الحُزْنِ ، وَقد أَسِفَ علَى ما فَاتَهُ ، كفَرِحَ كما في الصِّحاحِ ، والْاسمُ أَسَافَةُ كسَحَابَةٍ ، وَأَسِفَ عَلَيْه : غَضِبَ فهو أَسِفٌ ، ككَتِفٍ ، ومنه قوله تعالى : (غَضْبانَ أَسِفاً) (٥) ، قال شيخُنا : وقَيَّدَه بعضُهم بأَنَّه الحُزْنُ مع ما فَاتَ ، لا مُطْلَقًا ، وقال الرَّاغِبُ : حقيقةُ الأَسَفِ : ثَوَرانُ دَمِ القلبِ شَهْوَةَ الانْتِقَامِ ، فمتى كان ذلك علَى مَن دُونَه انْتَشَر وصار غَضَباً ، ومتى كان على مَن فَوْقَه انْقَبَضَ فصارَ حُزْنًا ، ولذلِكَ سُئِل ابنُ عَبَّاسٍ عن الحُزْنِ وَالغَضَبِ ، فقَالَ : مَخْرَجُهما واحدٌ ، واللَّفْظُ مُخْتَلِف ، فمَن نازَع مَن يَقوَى عَلَيه أَظْهَرَ غَيْظاً وغَضَباً ، ومَنْ نازَع مَن لا يقْوَى عَليه أَظْهَرَ حُزْنًا وجَزعًا ، ولهذا قال الشاعر :
فحُزْنُ كُلِّ أَخِي حُزْنٍ أَخو الغَضَبِ
وسُئِلَ النبيُّ صلىاللهعليهوسلم عَن مَوْتِ الْفَجْأَةِ ، فَقَالَ : «رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ ، وأَخْذَةُ أَسَفٍ لِلْكَافِرِ» ويُرْوَى : أَسِفٍ ، ككَتِفٍ ، أي أَخْذَةُ سَخَطٍ ، أَو أَوْ أخَذَةُ ساخِطٍ وذلِك لأَنَّ الغَضْبانَ لا يَخْلُو مِن حُزْنٍ ولَهَفٍ ، فقِيل لَه : أَسِفٌ ، ثُم كَثُرَ حَتى اسْتُعْمِل في مَوْضِعٍ لا مَجالَ للحُزْنِ فيه ، وهذِه الإِضافةُ بمعنَى مِن ، كخاتمِ فِضَّةٍ ، وتكون بمعنَى في ، كقولِ صِدْقٍ ، ووَعْدِ حَقٍّ ، وقال ابنُ الأَنْبَارِيِّ : أَسِفَ فلانٌ عَلَى كذا وكذا ، وتَأَسَّف ، وهو مُتَأَسِّفٌ على ما فَاتَهُ ، فيه قَولان : أَحَدُهما : أَن يكونَ المعنَى حَزِنَ علَى ما فَاتَهُ ؛ لأَنَّ الأَسَفَ عندَ العَربِ الحُزْنُ ، وقِيل : أَشَدُّ الحُزْنِ ، وقال الضَّحَّاكُ في قوله تعالى : (إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) (٦) : أي
__________________
(١) بالأصل «ضبطه» والمثبت عن حاشية التكملة.
(٢) في الأساس : خَلْقه.
(٣) ومثله في التكملة والتهذيب.
(٤) من أبيات الحماسة بشرح التبريزي ٢ / ١٩٤ يرثي ابن عمٍ له برواية : لا متضائلٌ ... وآباجله». وَعلى هذه الرواية فلا شاهد فيه. ويعده فيها :
يسرّك مظلوماً ويرضيك ظالماً |
|
وَكل الذي حمّلته فهو حامله |
(٥) سورة طه الآية ٨٦.
(٦) سورة الكهف الآية ٦.