الشرائط العامة للفهم ، وزالت عنه الموانع ، فاستنبط العقائد الموافقة للبراهين العقلية واستظهر الأحكام العملية بمقدار ما دلّ عليه الظاهر ، فليس في وسع هواء إلاّ النظر من وراء حجاب الألفاظ الظاهرة ، والمفاهيم والصور الذهنية ، فهم يستفيدون منه بحدود تلك الأمور الأساسية المتاحة لهم.
أما الملاحم والغيبيات ، والتأويل بمعنى إرجاع مفاهيم ومعارف الكتاب إلى اُصولها وغيره ممّا لا يكفي مجرد التدبر لاستظهاره ، ولا ترقى العبارة للتعبير عنه ، ولا تفيد الإشارة في الإرشاد إليه ، فهو خارج عن نطاق الظهور اللفظي ولا يمكن استنباطه وتحصيله إلاّ بالعبور والرقي من مجرد التدبّر إلى الاستنطاق الذي يتوقف على تنزل القرآن من السر إلى العلن ، وأن ينطق بمكنونه ، وذلك لا يكون إلاّ لمن هو أهله وهم مستنطقو الباطن العميق.
سادساً ـ استبعاد التفسير بالرأي والهوى عن ساحة فهم النص :
يشكّل التفسير بالرأي أحد الاتجاهات الرئيسة في تفسير النص القرآني ، وتكاد صورته تتحدّد في مسلكين :
المسلك الأول ـ المقبول : ويكون باعتماد النظر المجرد (الذي يستعين بقواعد اللغة وأساليب البيان من غير أن يخالف تفسيراً عن النبي صلىاللهعليهوآله أو يتنافى مع أسباب النزول التي صحت طرق إثباتها)(١).
__________________
(١) ظ:الرزقاني/مناهل العرفان ٥١٨:١.