إنّ هذا الالتفات من الأَئمّة عليهالسلام لهذا الضابط المهم الممثل في النهي عن التفسير بالرأي ـ خصوصا ما كان عن الأَئمة عليهمالسلام الذين شاع في أزمانهم هذا اللون من التفسير ـ قد فرضته طبيعة التحولات الفكرية والتحديات العقائدية ممثلة في :
١ ـ ظهور الفرق الكلامية المختلفة التي تجعل القرآن يدور في فلك آرائها وتحاول تطويع النص لملائمة تلك الآراء التي تتبناها.
٢ ـ اتساع حركة التلاقح الفكري والعقائدي للإسلام مع باقي الأُمم والديانات باتساع حركة الترجمة ونقل التحدي العقائدي الإسلامي إلى ساحة الأديان الأُخرى والاتجاهات اللادينية بتوسع الفتوحات الإسلامية ودخول غير المسلمين في الإسلام.
بسبب ذلك كله كان لا بد من تأطير العقيدة الإسلامية المستمدة من النص بعوامل الحماية من أن تنزلق الأنظار المختلفة إلى مغبّة عكس هويتها المذهبية المحدودة على النص المعصوم المطلق.
سابعاً ـ تجرد النص عن قيود الزمان والمكان والمحدودية :
إنّ استقراء بيئة النص وأجواءه الواقعية الحاصلة والمتوقعة المستقبلية يقدّم مستويين متصورين لعلاقة النص بالزمن ، وهما :
الأول ـ المستوى النزولي المقيد :
وينطلق هذا المستوى من صلة النص القرآني بالسبب الذي تعلّق به واستوجب نزوله ، سواء كان ذلك واقعة احتاجت حكما شرعيا ، أو كان عائدا إلى مقتضيات تتالي النزول التجزيئي للنص وصولاً إلى مرحلة الاكتمال.