المقدمة
الحمد للّه ربّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلقه أجمعين محمد وآله الطيّبين الطاهرين.
وبعد :
أنزل تعالى كتابه الكريم هداية للناس وبيّنات من الهدى والفرقان ، وجعله شرعة ومنهاجا ، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها ، تبيانا لكلّ شيء ، ودستوراً لتنظيم أُمور العباد ، وجعل السنّة شارحة له ، ومبيّنة لأحكامه وتعاليمه ، وجعل العقل رسولاً ثانيّا ، فأسّس منظورا لمنظومة المرجعيّات المشكِّلة للعقيدة ، ودعى إلى تدبّر آياته وانتزاع الحقيقة الكبرى من بين آلاف آياته. إنّه لا يعتريه نقص ولا يعتوره اختلاف (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفا كَثِيرا)(١) وأسَّس لأُصول المنهجيّات والانعكاسات عن النصّ ، ونظَّم أُصول فهم دلالاته وكشف معانيه ، ووضع المعايير لمعالجة تعارضاته الظاهريّة فرسم منهج تفسيره بأن أرجع فهمه إلى ردّ متشابهاته إلى محكماته ، وردّه إلى الراسخين في العلم ممّن اختصّهم اللّه تعالى بأن كشف لهم عن دلالاته.
إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ، وأيّ فهم يجب أن يكون انعكاسا عنه لا عكساً عليه؛ لتبقى للنصّ مرجعيّته المركزيّة كونه الخطاب المركزي
__________________
(١) سورة انساء: ٤/٨٢.