الناس ، وفيه بعدُ أشياء تعالج به الأبدان ، واُخرى تدبغ به الجلود ، واُخرى تصبغ به الأمتعة ، وأشباه هذا من المصالح.
ألست تعلم أنّ أخسّ النبات وأحقره هذا البردي (١) وما أشبهها ؛ ففيها مع هذا من ضروب المنافع فقد يتّخذ من البردي القراطيس التي يحتاج إليها الملوك والسوقة ، والحُصُر التي يستعملها كلّ صنف من الناس ، وليعمل منه الغلف التي يوقى بها الأواني ، ويجعل حشوا بين الظروف في الاسفاط لكيلا تعيب وتنكسر ، وأشباه هذا من المنافع» (٢).
وهذه الآيات الجليلة التي بيّنها الإمام الصادق عليهالسلام تنبئ بصدقٍ وتدلّ بحقّ على أنّ اللّه تعالى الذي خلقها وصنعها عليم حكيم ، أحكم وأتقن جزئياتها وكليّاتها ودقائق صنعتها وخلقتها.
وعليه فلا يمكن المساعدة مع قول الحكماء بنفي العلم بالجزئيات عن اللّه تعالى ، بناءا منهم على أنّ علم اللّه تعالى حصوليٌّ ، كما تلاحظ نقله عنهم في البحار (٣).
فانّه يردّهم العموميّة الوضعيّة المفيدة علم اللّه تعالى بكلّ شيء في قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّه بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٤).
__________________
(١) البردي : نبات كالقصب ينبت في المستنقعات والشواطئ ، في اُصول سيقانه زغب ناعم كالقطن ذو حلاوة قليلة.
(٢) بحار الأنوار : (ج٣ ص١٣٥).
(٣) بحار الأنوار : (ج٤ ص٨٧).
(٤) سورة البقرة : (الآية ٢٣١).