وهذا أمرٌ واضح نحسّه فيما نراه من المساوي التي قد يعلمها الخبير المحسن في فردٍ مسيء ، مع بُغض وكراهة ذلك الخبير لتلك المساوي ، وردعه لصاحبها ونهيه عنها ومنعه عن فعلها ..
فإنّه إذا ارتكب ذلك الفرد المسيء تلك المساوي بالرغم من نهيه وردعه ، لا يشكّ العقل والعرف أنّ المقصّر هو نفس ذلك الفرد العاصي الذي أساء العمل ، لا الخبير الناهي الذي أراد الخير ، فاختيار العاصي هو السبب للعصيان دون علم العالم به ، بل العالم منزّه عنه.
وعلى الجملة فعلم اللّه تعالى محيط بكلّ الأشياء قاطبة ، الكلّيات والجزئيات ، الظواهر والخفيّات حتّى خطرات النفس والمطويات ، وهو كمال وجمال لذاته المتعالية المقدّسة ، فهو عالم بجميع الأشياء بدون لزوم محذورٍ أو شبهة.
ولمعرفة علمه تعالى لاحظ بعد الآيات المباركات المائة التي أشرنا إلى بعضها في أوّل هذا البحث ، أحاديث حججه وبيانات معادن حكمته الأئمّة المعصومين سلام اللّه عليهم أجمعين.
وإليك نبذةٌ منها ،وأريجة من شذاها ، رزقنا اللّه زيادة المعرفة بنورها ، فلاحظ ما يلي :
١ ـ ما حدّث به أبو علي القصّاب ، قال : كنت عند أبي عبداللّه عليهالسلام ، فقلت :
«الحمد للّه منتهى علمه ، فقال : لا تقل ذلك ؛ فإنّه ليس لعلمه منتهى» (١).
٢ ـ حديث هشام بن الحكم ، عن أبي عبداللّه عليهالسلام قال :
__________________
(١) توحيد الصدوق : (ص١٣٤ الباب١٠ ح١).