والمناجات مع بعض المقامات النبوية ، كرسول اللّه أو كليم اللّه ، لا تتحقّق إلاّ بخطاب اللّه وكلامه وتكلّمه ، فهذه الاُمور من اللازم البيّن فيها أن يتكلّم بها اللّه تعالى.
فيكون العقل حاكما بكونه متكلّما .. له قدرة الكلام ، بل أحدث الكلام ، ومن كماله هذا التكلّم بهذه الاُمور القدسيّة ، فتكلّمه ثابت بالأدلّة الثلاثة الصريحة.
٨) أنّه تعالى صادق
الصدق لغةً ضدّ الكذب ، ويكون أصله في القول ، فيقال : قول صدق وكلام صدق ، وصاحبه صادق.
وذكر في المفردات : «أنّ الصدق والكذب لا يكونان في القول إلاّ في الكلام الخبري دون غيره من أصناف الكلام كالإنشاء» (١).
لكن هذا غير صحيح ، فمقتضى التحقيق أنّه يطلق الصدق والكذب عرفا على الإنشاء أيضا إذا كان منبئا عن شيء إلزاما ، وكان ذلك المدلول الالتزامي مطابقا للواقع أو غير مطابق كما تلاحظه في طلب الفقير المال حيث ينبئ عن فقره فيوصف بأنّه صادق أو كاذب.
وكذلك من قال شيئا واعتقد خلافه ، فإنّه يكون كذبا ، كما أفاده في المجمع (٢) إستشهادا بقوله تعالى : (وَاللّه يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) (٣).
فيكون الصدق والكذب محقّقا نيّةً وقولاً وعملاً.
__________________
(١) المفردات للراغب : (ص٢٧٧).
(٢) مجمع البيان : (ج١٠ ص٢٩٠).
(٣) سورة المنافقون : (الآية ١).