فهو ليس بجسم حتّى يمكن فيه التركيب الخارجي ، ولا تحيط عقولنا به حتّى يمكن فيه التركيب الذهني.
وإستدلّ له العلاّمة أعلى اللّه مقامه ، بأنّه يستحيل أن يكون مركّبا ؛ لأنّ المركّب يحتاج إلى الأجزاء ، وهو تعالى غنيّ ، ويستحيل أن يتركّب منه غيره ؛ لأنّه يستلزم الإنفعال في وجوده وهو تعالى ذاتي الوجود.
قال قدسسره ما نصّه : «إنّه تعالى يستحيل أن يكون مركّبا ؛ لأنّ كلّ مركّب مفتقر إلى جزئه والجزء مغاير للكلّ فيكون ممكنا. ويستحيل أن يتركّب عنه غيره لإستحالة إنفعاله عن الغير فلا جزء له ، فلا جنس له ولا فصل له ، فلا حدّ له ولا يكون واجبا لذاته ولغيره معا ؛ لأنّ وجوبه بذاته يستدعي إستغناءه عن غيره ووجوبه لغيره يستدعي إفتقاره إليه ، فيكون واجبا مفتقرا» (١).
الثالثة : أنّه تعالى ليس بجسم
لأنّ الجسم هو ما يستلزم الأبعاد الثلاثة الطول ، والعرض ، والعمق ، وبهذا يحتاج إلى التحيّز ، وبالتحيّز يحتاج إلى المكان والمكان مخلوق ممكن ، وهذا مستحيل على اللّه تعالى لأنّه خالق المكان ، والمكان مخلوق له ومتأخّر عنه فلا يكون متحيّزا فيه.
ولا يمكن أن يكون المكان حيّزا للخالق تعالى ، لأنّه يستلزم قِدم المكان كقِدم اللّه تعالى ، وتعدّد القدماء مستحيل لقاعدة الفُرجة المتقدّمة (٢).
وعليه فلا يمكن التحيّز للّه تعالى ويستحيل عليه الجسميّة.
__________________
(١) نهج المسترشدين : (ص٤٥).
(٢) تقدّمت في الدليل العقلي الثالث من أدلّة التوحيد ووحدانيّة اللّه تعالى.