وسيأتي ذكر الروايات الشارحة لذلك بالتفصيل.
وأمّا العقل ثالثا :
فدليل العقل وحكمه بلزوم الإمام يقرّر بوجوه أربعة :
١ ـ ما قرّره شيخ الطائفة الطوسي طابت تربته من أنّ العقل يحكم بوجوب الإمامة بدليل اللطف ، لما ثبت من كون الإمامة لطفا من اللّه تعالى ولا يتمّ التكليف بدونها ، فمقتضى كرمه تعالى أن يهيّئ لعباده وسائل الطاعة ، ويصرفهم عن طرق الفساد ، وهو لطف ، واللّه لطيف بعباده.
والإمامة من الألطاف الإلهيّة التي لا يحسن التكليف بدونها ، فجرت مجرى سائر الألطاف الإلهية ، إذ الاُمّة محتاجة إلى أخذ معالم دينها من الإمام ، والإمام لا يكون عندنا إلاّ من هو عالم بجميع ما تحتاج إليه الرعية (١).
٢ ـ ما قرّره الشيخ الكبير كاشف الغطاء طاب مثواه من أنّ العقل يشهد بوجوب وجود المبيّن للأحكام ، كما حكم بلزوم وجود المؤسّس للحلال والحرام ، لمساواة الجهتين ، وحصول الجهالة عند فقد كلّ من الأمرين ، ولكثرة المجملات في القرآن وفي الأخبار الواردة عن سيّد ولد عدنان (٢).
٣ ـ ما قرّره السيّد الشبّر أعلى اللّه مقامه من أنّ الغرض والحكمة في إيجاد الخلق هي المعرفة والعبادة ، كما قال تعالى : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالاْءِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) (٣) ، وهذا الغرض الشريف يتوقّف على الواسطة بين الخلق والخالق
__________________
(١) تلخيص الشافي : (ج١ ص٦٩).
(٢) كشف الغطاء : (ص٥ المبحث الخامس في الإمامة).
(٣) سورة الذاريات : (الآية ٥٦).