٣ ـ الدليل العقلي :
قد عرفت أنّ وجود اللّه تعالى غنيّ عن البيان ، بل هو فطري لكلّ إنسان ، ولا يمكن إنكاره لكلّ ذي وجدان.
ومع ذلك ـ على مسلك الإستدلال ـ تُقام الحجّة لتنكشف المحجّة على وجود الخالق ، وظهور الصانع بالبراهين العقلية والأدلّة اللُبّية ، مضافا إلى الأدلّة المتقدّمة الشرعية.
والأدلّة العقلية على وجود اللّه كثيرة وفيرة بتناسب كلّ ذي بصرٍ وبصيرة ، مضافا إلى برهان العلّة ، ودليل الحكمة على وجود اللّه الخالق وهو : (كلّما بالغير ـ وهي الممكنات ـ لابدّ وأن ينتهي إلى ما بالذات ـ وهو واجب الوجود ـ ليكون الذاتي علّة العلل وخالق المخلوقات .. وإلاّ لزم التسلسل وهو محال).
فيثبت وجود الذاتي الواجب ، الخالق لمن سواه ، وليس المستحقّ لذلك إلاّ اللّه (جلّ جلاله وعمّ نواله).
والأدلّة العقليّة الوجدانية الواضحة على وجود الخالق تعالى كثيرة جدّا ـ كما قلنا ـ نختار منها البراهين الخمسة التالية :
الأوّل : برهان النظم
أوضح الأدلّة على إثبات اللّه تعالى الذي يحكم به العقل ، ويقضي به الوجدان ، ويحسّه كلّ إنسان ، هو دليل النظم والتدبير.
فالجميع يرى العالم بسماواته وأراضيه ، وما بينهما من مخلوقاته ورواسيه من المجرّة إلى النملة. في خِلقة التكريم وسير التنظيم وتناسبٍ عظيم.
فالإنسان نراه بأحسن كيفية ، والحيوان نراه بالمواهب الفطرية ، والنباتات