التقدير.
فتكون الخليقة موجودة بخلق وتقدير ، وهو يدلّ على وجود المقدّر الخبير ، وهو اللّه (جلّ جلاله).
الثالث : برهان الاستقصاء
فإنّ كُلاًّ منّا إذا راجع نفسه وتأمّل شخصه يشعر بوضوح ، ويدرك ببداهة أنّه لم يكن موجودا أزليّا بل كان وجوده مسبوقا بالعدم ، وقد وُجد في زمان خاصّ في عامٍ معيّن وشهر معيّن ويومٍ معيّن.
فلنتساءل ونتفحّص ونبحث :
الف) هل أنّا خَلَقْنا أنفسنا؟
ب) هل أنّا خَلَقنا أحدٌ مثلنا من الممكنات كآبائنا أو اُمّهاتنا؟
ج) أو هل خَلَقَنا القادر الفاطر الواجب وهو اللّه (جلّ جلاله)؟
أمّا جواب الأوّل : فلا شكّ أنّنا لم نخلق أنفسنا حيث إنّه لم نكن موجودين في الزمان المتقدّم علينا ، فكيف أعطينا الوجود لأنفسنا ، وفاقد الشيء لا يعطيه ..
ولو تمكّنا من إعطاء الوجود لأنفسنا ، لأبقينا لها الوجود ضدّ الموت ، ولا شكّ في عدم قدرتنا على ذلك ، بل عدم قدرة الأقوياء منّا ومن كان قبلنا على ذلك.
وأمّا جواب الثاني : فلا شكّ أيضا أنّ آباءنا لم يخلقونا ، بدليل أنّهم لم يعرفوا أعضاءنا وأجزاءنا ومطويات أبداننا ومضمرات أجسامنا ، فكيف بخلقة حقيقتنا ، ومعلوم أنّ الخالق يلزم أن يعرف ما خلقه ، والصانع يعرف ما صنعه.
مع أنّ آباءنا بأنفسهم يموتون ولا يمكنهم إعطاء أو إبقاء الوجود لأنفسهم