فكيف يعطونه لأبنائهم؟
.. لا يبقى بعد التفحّص والإستقصاء إلاّ الشقّ الثالث وهو أنّه خَلَقَنا اللّه الذي خلق كلّ شيء ، وهو القادر على كلّ شيء الوجود والإفناء ، والموت والبقاء ، وهو الخبير بمخلوقه بكلّ محتواه ، والعالم باُولاه وعُقباه.
وبهذا الإستقصاء التامّ تحكم الأفهام ، بوجود الخالق العلاّم.
الرابع : برهان الحركة
فإنّا نرى العالم الكبير بجميع ما فيه متحرّكا ، ويراه الجميع من الإلهيّين والمادّيين في تغيّرٍ ، والكلّ يعرفه بحركة وعدم سكون ، ومعلوم أنّ الحركة تحتاج إلى محرّك وبديهي أنّ الأثر لابدّ له من مؤثّر ، لأنّ الحركة قوّة والقوّة لا توجد بغير علّة.
إذن فلابدّ لهذه الحياة المتحرّكة في جميع نواحيها من أعلاها إلى أسفلها ، بكواكبها وأراضيها وشمسها وقمرها ، وأفلاكها ومجرّاتها .. لابدّ لها ممّن يحرّكها ويديم حركتها ، وحتّى أجزاء العناصر الساذجة ثبت في علم الفيزياء أنّها تدور وتتحرّك حول مركزها بدوام.
ومن المعلوم أنّ القوّة والحركة لا توجد إلاّ بدافع ومحرِّك ، وهذا أمر بديهي يدركه كلّ ذي لبّ وشعور ، ويعرف أنّه لابدّ لهذه الحركات العظيمة والتحوّلات الدائمة من محرّكٍ حكيم قدير.
فمن ترى يمكن أن يكون مصدر هذه القوّة وفاعل هذه الحركة؟
هل المخلوقات التي نراها يعرضها الضعف وتحتاج بنفسها إلى المساندة؟!
وهل يناسب أن يكون المحرّك غير اللّه القوي الخبير؟