ولقد سُئِلَتْ امرأة بدويّة كانت تغزل الصوف بمغزل صغير عن دليلها على وجود اللّه تعالى ، فأمسكت عن تحريك المغزل حتّى توقّف فقالت : دليلي هو هذا التوقف ..
قالوا : وكيف ذلك؟
فأجابت : إذا كان مغزل صغير لا يتحرّك إلاّ بوجود محرِّك ، فهل يمكن أن يتحرّك هذا الفلك الدوّار الكبير بلا محرّك له؟
وقد جاءت الحكمة في هذا المجال : إنّ البعرة تدلّ على البعير ، وأثر الأقدام يدلّ على المسير ، فهذه السماء ذات أبراج والأرض ذات حركة وإرتجاج ألا تدلاّن على وجود الخبير البصير؟!.
الخامس : برهان القاهريّة
فإنّ الطبيعة تنمو عادةً نحو البقاء لولا إرادة من يفرض عليها الفناء.
فالإنسان الذي يعيش ، والأشجار التي تنمو ، والأحجار التي هي مستقرّة في الأرض ، لا داعي إلى أن يعرض عليها الموت أو الزوال أو الإنهدام إلاّ بعلّة فاعلة قاهرة.
فكما أنّ تبدّل اللاشيء إلى الشيء يحتاج إلى علّة ، كذلك تبدّل الشيء إلى اللاشيء لا يمكن إلاّ بعلّة.
فإنّا نرى هذا العالم قد اُحكمت جميع جوانبه بحيث ينبغي أن تسير سيرا دائما بلا زوال ، لكن مع ذلك نراها في زوال دائم ونقص راغم ، وزوالها دليل على وجود مزيل لها.
فترى من هو علّة الإماتة والزوال؟ ومن اللائق أن يكون هو القاهر في