الدجاج والدُرّاج (١) والقَبْج (٢) تدرج وتلقط حين ينقاب عنها البيض. فأمّا ما كان منها ضعيفا لا نهوض فيه كمثل فراخ الحمام واليمام والحمر فقد جعل في الاُمّهات فضل عطف عليها فصارت تمجّ الطعام في أفواهها بعد ما توعيه حواصلها فلا تزال تغذوها حتّى تستقلّ بأنفسها.
ولذلك لم ترزق الحمام فراخا كثيرة مثل ما ترزق الدجاج لتقوى الاُمّ على تربية فراخها فلا تفسد ولا تموت ، فكلٌّ اُعطي بقسط من تدبير الحكيم اللطيف الخبير» (٣).
١٢ ـ حكمة التدبير في خلق الحيوانات التي تحمل وتسخّر كالحمار والثور والفرس والإبل والغنم ونحو ذلك. ثمّ حالة العطوفة التي جُعلت لمحافظتها وحراستها في الكلب :
«أما ترى الحمار كيف يذلّ للطحن والحمولة وهو يرى الفرس مودعا منعّما؟ والبعير لا يطيقه عدّة رجال لو إستعصى ، كيف كان ينقاد للصبي؟ والثور الشديد كيف كان يذعن لصاحبه حتّى يضع النير (٤) على عنقه ويحرث به؟ والفرس الكريم يركب السيوف والأسنّة بالمواتاة لفارسه ، والقطيع من الغنم يرعاه رجل واحد ولو تفرّقت الغنم فأخذ كلّ واحد منها في ناحية لم يلحقها ، وكذلك جميع
__________________
(١) الدرّاج بضمّ الدال وتشديد الراء : ضرب من الطير ، أرقط بسواد وبياض أو أنقط.
(٢) القَبْج بفتح القاف وسكون الباء وقيل : بفتحها وهو : الحجل أو نوع منه ، معرّب (كبك).
(٣) بحار الأنوار : (ج٣ ص٩٣).
(٤) النير بكسر النون هي : الخشبة المعترضة في عنق الثورين بأدات الحرث.