فلِمَ طُبع الكلب على هذا الاُلف إلاّ ليكون حارسا للإنسان ، اُعين بأنياب ومخالب ونباح هائل ليذعر منه السارق ويتجنّب المواضع التي يحميها ويخفرها» (١).
١٣ ـ التدبير اللطيف في خلق الفيل وتناوله بمشفره وخرطومه ، حيث لم يتمكّن من الوصول إلى الطعام برأسه :
«تأمّل مِشفر الفيل (٢) وما فيه من لطيف التدبير فإنّه يقوم مقام اليد في تناول العلف والماء وإزدرادهما إلى جوفه ، ولولا ذلك ما استطاع أن يتناول شيئا من الأرض لأنّه ليست له رقبة يمدّها كسائر الأنعام ، فلمّا عدم العنق اُعين مكان ذلك بالخرطوم الطويل ليسدله فيتناول به حاجته.
فمن ذا الذي عوّضه مكان العضو الذي عدمه ما يقوم مقامه إلاّ الرؤوف بخلقه؟ وكيف يكون هذا بالإهمال كما قالت الظَلَمة؟» (٣).
١٤ ـ الفطرة العجيبة في الوحوش والسباع في دفن موتاها وستر جيفها :
«فكّر يامفضّل! في خلقة عجيبة جعلت في البهائم ، فإنّهم يوارون أنفسهم إذا ماتوا كما يواري الناس موتاهم ، وإلاّ فأين جيف هذه الوحوش والسباع وغيرها لا يرى منها شيء؟ وليست قليلة فتخفى لقلّتها ؛ بل لو قال قائل : إنّها أكثر من الناس لَصَدق.
فاعتبر ذلك بما تراه في الصحاري والجبال من أسراب الظبا
__________________
(١) بحار الأنوار : (ج٣ ص٩٤).
(٢) المشفر بكسر الميم هي شفة الحيوان ، وفي الفيل هو الخرطوم.
(٣) بحار الأنوار : (ج٣ ص٩٦).