فقال عليّ عليه السلام : لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم ، يا أخا اليهود حدّثني محمّد صلّى الله عليه وآله أنّه كان بأرض الرّوم مدينة يقال لها : اُفسوس (١) ، وكان لها ملك صالحٌ ، فمات ملكهم ، فاختلفت كلمتهم ، فسمع ملك من ملوك فارس يقال له : دقيانوس (٢) فسار في مائة ألف حتّى دخل مدينة أفسوس ، فاتّخذها دار مملكته واتّخذ فيها قصراً طوله فرسخ في فرسخ ، واتّخذ في ذلك القصر مجلساً طوله ألف ذراع في عرض مثل ذلك من الزّجاج المًمَرَّد ، واتّخذ في ذلك المجلس أربعة آلاف أسطوانة من ذهب ، واتّخذ ألف قنديل من ذهب لها سلاسل من اللّجين تسرج بأطيب الأدهان ، واتّخذ في شرقي المجلس ثمانين كُوّة ، وكانت الشّمس إذا طلعت طلعت في المجلس كيف ما دارت ، واتّخذ فيه سريراً من ذهب له قوائم من فضّة مرصّعة بالجواهر وعلاه بالنّمارق ، واتّخذ من يمين السّرير ثمانين كرسيّاً من الذّهب مرصّعة بالزّبرجد الأخضر فأجلس عليها بطارقته ، واتّخذ عن يسار السّرير ثمانين كرسيّاً من الفضّة مرصّعة بالياقوت الأحمر فأجلس عليها هراقلته ثمّ قعد على السّرير فوضع التّاج على رأسه.
فوثب اليهوديّ ، فقال يا عليّ : ممّ كان تاجه ؟ قال : من الذّهب المشبّك ، له سبعة أركان ، على كلّ ركن لؤلؤة بيضاء كضوء المصباح في اللّيلة الظّلماء ، واتّخذ خمسين غلاماً من أولاد الهراقلة ، فقرطقهم بقراطق الدّيباج الأحمر ، وسرولهم بسراويلات الحرير الأخضر ، وتوّجهم ، ودملجهم ، وخلخلهم ، وأعطاهم أعمدة من الذّهب ، وأوقفهم على رأسه ، واتّخذ ستّة غلمة وزراءه ، فأقام ثلاثة عن يمينه وثلاثة عن يساره.
فقال اليهودي : ما كان اسم الثّلاثة والثّلاثة ، فقال عليّ عليه السلام : الّذين عن يمينه أسماؤهم : تمليخا ، ومكسلمينا ، ومنشيلينا (٣) ، وأما الّذين عن يساره ، فأسماؤهم : مرنوس ، وديرنوس ، وشاذريوس. وكان يستشريهم في جميع أموره.
وكان يجلس في كلّ يوم في صحن داره والبطارقة عن
يمينه والهراقلة عن يساره ، ويدخل ثلاثة غلمة في يد أحدهم جام من ذهب مملوّ من المسك المسحوق ، وفي يد الآخر جام من
_________________________________
(١) في ق ٢ وق ٣ والبحار : أقسوس.
(٢) في ق ٢ و ٣ والبحار عن نسخة : دقيوس.
(٣) في البحار : وميشيلينا.