دخل عليهما في السّجن ، وقال : ألم أنهكما عن الجبابرة.
ثمّ خرج من عندهما وجلس مع النّاس مع الضّعفاء ، فأقبل فطرح كلامه الشّيء بعد الشّيء ، فأقبل الضّعيف يدفع كلامه إلى من هو أقوى منه ، وأخفوا كلامه خفاءاً شديداً ، فلم يزل يتراقى الكلام حتّى انتهى إلى الملك ، فقال : منذ متى هذا الرّجال في مملكتي ؟ فقالوا : منذ شهرين ، فقال : عليّ به ، فأتوه ، فلمّا نظر إليه وقعت عليه محبّته ، فقال : لا أجلس إلّا وهو معي.
فرآى في منامه شيئاً أفزعه ، فسأل شمعون عنه ، فأجاب بجواب حسن فرح به ، ثمّ أُلقي عليه في المنام ما أهاله ، فأوَّلها له بما ازداد به سروراً ، فلم يزل يحادثه حتّى استولى عليه.
ثمّ قال : إنّ في حبسك رجلين عابا عليك ؟ قال : نعم ، قال : فعَلَيَّ بهما ، فلمّا أُتي بهما قال : ما إلهكما الّذي تعبدان ؟ قالا : الله ، قال : يسمعكما اذا سألتماه ويجيبكما إذا دعوتماه ؟ قالا : نعم ، قال شمعون : فأنا أريد أن استبرئ ذلك منكما ، قالا : قل : قال : هل يشفي لكما الأبرص ؟ قالا : نعم ، قال : فأُتي بأبرص ، فقال : سلاه أن يشفي هذا ، قال : فمسحاه فبرئ ، قال : وأنا أفعل مثل ما فعلتما ، قال : فأُتي بآخر فمسحه شمعون فبرئ.
قال : بقيت خصلة إن أجبتماني إليها آمنت بالهكما قالا : وما هي ؟ قال : ميّت تحييانه ؟ قالا : نعم ، فأقبل على الملك وقال : ميت يعنيك أمره ؟ قال : نعم ابني قال : اذهب بنا إلى قبره ، فانّهما قد أمكناك من أنفسهما ، فتوجّهوا إلى قبره ، فبسطا أيديهما فبسط شمعون يديه ، فما كان بأسرع من أن صدع القبر وقام الفتى ، فأقبل على أبيه ، فقال أبوه : ما حالك ؟ قال : كنت ميّتاً ففزعت فزعة ، فاذا ثلاثة قيام بين يدي الله باسطوا أيديهم يدعون الله أن يحييني وهما هذان وهذا ، فقال شمعون : أنا لإِلهكما من المؤمنين ، فقال الملك : أنا بالّذي آمنت به يا شمعون من المؤمنين ، وقال وزراء الملك : ونحن بالّذي آمن به سيّدنا من المؤمنين ، فلم يزل الضّعيف يتبع القوى ، فلم يبق بأنطاكية أحد إلّا آمن به (١).
_________________________________
(١) بحار الانوار (١٤ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣) ، برقم : (٤٤).