وهو يقرئكم السّلام ويستهديكم من ثمار الجنّة ، فقال له جبرئيل عليه السّلام : وعلى أبيك السّلام يا شيث ، أما أنّه قد قبض (١) وإنّما نزلت لشأنه ، فعظّم الله على مصيبتك فيه أجرك (٢) وأحسن على العزاء منه صبرك ، وآنس بمكانه منك عظيم وحشتك ارجع فرجع معهم ومعهم كلّ ما يصلح به أمر آدم صلوات الله عليه وقد جاؤا به من الجنّة.
فلمّا صاروا إلى آدم كان أوّل ما صنع شيث أن أخذ صحيفة الوصيّة من تحت رأس آدم صلوات الله عليه فشدّها على بطنه فقال جبرئيل عليه السّلام : من مثلك يا شيث ؟ قد أعطاك الله سرور كرامته (٣) وألبسك لباس عافيته ، فلعمري لقد خصّك الله منه بأمر جليل.
ثم إنّ جبرئيل عليه السّلام وشيثاً أخذا في غسله ، وأراه جبرئيل كيف يغسّله حتّى فرغ منه ، ثمّ أراه كيف يكفّنه ويحنّطه حتّى فرغ ، ثمّ أراه كيف يحفر له.
ثمّ إنّ جبرئيل أخذ بيد شيث ، فأقامه للصّلاة عليه كما نقوم اليوم نحن ، ثمّ قال : كبّر على أبيك سبعين تكبيرة ، وعلّمه كيف يصنع.
ثم إنّ جبرئيل عليه السّلام أمر الملآئكة (٤) أن يصطفّوا قياماً خلف شيث كما يصطفّ (٥) اليوم خلف مصلّي على الميّت ، فقال شيث : يا جبرئيل أو يستقيم هذا لي وأنت من الله بالمكان الّذي أنت فيه ومعك (٦) عظماء الملائكة ؟ فقال جبرئيل : يا شيث ألم تعلم أنّ الله تعالى لمّا خلق أباك آدم أوقفه بين الملائكة وأمرنا بالسّجود له ، فكان إمامنا ليكون ذلك سنّة في ذرّيّته ، وقد قبضه الله اليوم وأنت وصيّه ووارث علمه وأنت تقوم مقامه ، فكيف نتقدمك وأنت إمامنا ؟ فصلّى بهم عليه (٧) كما أمره.
ثمّ أراه كيف يدفنه ، فلمّا فرغ من دفنه وذهب
جبرئيل ومن معه ليصعدوا من حيث
_________________________________
(١) في ق ٣ : قد قضى.
(٢) في ق ٢ : فعظم على الله مصيبتك فيه آجرك الله.
(٣) في ق ٢ : سروراً وكرامة.
(٤) في ق ٣ : ثم أمر جبرئيل الملائكة.
(٥) في ق ١ وق ٣ : كما نصطف.
(٦) في ق ٢ : وأنت بالمكان الذي أنت ومعك.
(٧) في ق ٣ : بهم عليه السّلام ، والصّحيح : بهم عليه عليه السّلام.