وكذلك المرء المسلم البرئ من الخيانة ينتظر من الله إحدى الحسنيين إما داعي الله فما عند الله خير له ، وإما رزق الله فإذا هو ذو أهل ومال ومعه دينه وحسبه ، وإن المال والنبين حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الاخرة ، وقد يجمعها الله لاقوام.
فاحذروا من الله ما حذركم من نفسه ، واخشوه خشية ليست بتعذير ، واعلموا في غير رياء ولا سمعة ، فانه من يعمل لغير الله يكله الله إلى من عمل له ، ونسأل الله منازل الشهداء ومعايشة السعداء ومرافقة الانبياء الخطبة (١).
قال السيد رضى الله عنه : العفيرة ههنا الزيادة والكثرة من قولهم للجمع الكثير الجم الغفير ، ويروى عفوة من أهل أو مال ، والعفوة الخيار من الشئ يقال أكلت عفوة الطعام أى خياره (٢).
٨٨ ـ وقال عليهالسلام في وصية للحسن : وأعلم يقينا أنك لن تبلغ أملك ، ولن تعدو أجلك وأنك في سبيل من كان قبلك فحفض في الطلب ، وأجمل في المكتسب فانه رب طلب قد جر إلى حرب ، فليس كل طالب بمرزوق ، ولا كل مجمل بمحروم.
وأكرم نفسك عن كل دينه وإن ساقتك إلى الرغائب ، فانك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضا ، ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا ، وما خير خير لا يوجد إلا بشر ويسر لا ينال إلا بعسر ، وإياك أن وتوجف بك مطايا الطمع فنوردك مناهل الهلكة.
وإن استطعت أن لا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل ، فانك مدرك قسمك وآخذ سمعك ، وإن اليسير من الله سبحانه أكرم وأعظم من الكثير من خلقه ، وإن كان كل منه.
وتلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراكك ما فات من منطقك ، وحفظ
__________________
(١) نفس المصدر ج ١ ص ٥٦.
(٢) نفس المصدر ج ١ ص ٥٨.