عشيرة الرسول صلىاللهعليهوآله وأقربائه حسبما يفسّره نهج الخلافة والرأي للآية.
لأنّ المودّة غير المحبّة ، وأنّ الله ورسوله لم يأمرا بالتودّد إلى من ليس بأهلٍ للمودّة ، ولم يُوجبانها لمن كان ضالاًّ عن الإسلام حتّى ولو كان من قرابته صلىاللهعليهوآله.
فرسول الله عدّ سلمانَ الفارسيَّ من أهل بيته (١) مع أنّه لم يكن عربيّا فضلاً عن أن يكون من عشيرته أو من أهل بيته ، كما أنّه أخرج نساءه من آية التطهير بقوله لأُمّ سلمة : «إنّك على خير» (٢).
إذاً المقصود من جملة (في القربى) وجود نخبة صالحة في قربى النبيّ هم الّذين لحظهم الله أن يكونوا وزانا لإبلاغ الرسالة ، وهؤلاء هم الّذين اعتبرهم مستودعا للعلم وظرفا للرسالة وهم : عليّ ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ؛ أصحاب الكساء الّذين عناهم الله في آية التطهير ، ثمّ التسعة من ولد الحسين عليهالسلام.
ولأنّ عليّا صلوات الله عليه هو مع القرآن والقرآن مع عليّ (٣) ، والمعيّة كما يقال : نسبة تقوم بطرفين ويستحيل أن تقوم بطرف واحد ، فإنّه صلىاللهعليهوآله بقوله الآنف «أراد أن يُفهمنا أنّ مسألة معيّتهما [هي] معيّة من نوعٍ خاصٍّ ، ومشيرا إلى أبعادها العميقة ، ذلك أنّ المعيّة بين شيئين أو أكثر ، عندما تطلق ، فيقال : زيد مع عمرو ، فهي أعمّ من أن يكون هذا الطرف في الإضافة متقدّما رتبة على ذاك أو متأخّرا عنه ، بل تدلّ على أنّهما معا بغضّ النظر عن رتبة كلٍّ منهما.
وربّما كان فيها إشارة إلى أنّ المَقرون أقلّ رتبةً من المقرون به ، لهذا أعاد النبيّ صلىاللهعليهوآله صياغة هذه المعيّة ، ليقول للسامعين : لا ينبغي أن تفهموا من قولي
________________
١ ـ المستدرك على الصحيحين ٣ : ٦٩١ / ٦٥٣٩ ، ٦٥٤١ ، المعجم الكبير ٥ : ٢٢٠ / ٥١٤٦.
٢ ـ المعجم الكبير ٣ : ٥٣ / ٢٦٦٤ ، و ٢٣ : ٣٣٦ / ٧٧٩ ، مسند احمد ٦ : ٣٢٣ / ٢٦٧٨٩.
٣ ـ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٣٤ / ٤٦٢٨ ، قال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ورواه الطبراني من طريق آخر. انظر المعجم الاوسط ٥ : ١٣٥ / ٤٨٨٠.