فلو كان هناك اختلافٌ بين شخصين فلابدّ أن يكون أحدهما صادقا والآخر كاذبا ، وعلينا أن نعرفهما ، کي نتعرّف عل الصّدّيق والكذاب منهما ، إذ لا يعقل وجود الاختلاف ـ الواصل حدّ القتل ـ ثمّ القول بالوئام والاعتزاز بالقاتل والمقتول! إنّها مفارقات حقا ، موجودة في التاريخ والشريعة.
إذن القرآن يوجب على المؤمن أن يكون محبّا لله ولرسوله أكثر من حُبّه لآبائه وأبنائه وإخوانه وعشيرته ، وفي الوقت نفسه يجب عليه أن يتبرّأ من أعداء الله ولو كانوا آباءه أو أبناءه أو إخوانه أو عشيرته ؛ لقوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبَّا لِلَّهِ) (١) ، و (لاَ تَجِدُ قَوْما يُؤْمِنُونَ بِاللّه وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّه وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ) (٢) ، وهذا ما نعتقده ونقوم به ونشهدالله عليه في زياراتنا لأئمّتنا فنخاطب أئمّتنا في الزيارة الجامعة الكبيرة ونقول :
«... سعد من والاكم ، وهلك من عاداكم ، وخاب من جحدكم ، وضلّ من فارقكم ، وفاز من تمسّك بكم ، وأمن من لجأ إليكم ، وسلم من صدّقكم ، وهُدِيَ من اعتصم بكم ، من اتّبعكم فالجنّة مأواه ، ومن خالفكم فالنار مثواه ، ومن جحدكم كافر ، ومن حاربكم مشرك ، ومن ردّ عليكم في أسفل درك من الجحيم إلى أن نقول : ... أُشهد الله وأُشهدكم أنّي مؤمن بكم وبما آمنتم به ، كافر بعدوّكم وبما كفرتم به ، مستبصر بشأنكم وبضلالة من خالفكم ، موالٍ لكم ولأوليائكم ، مبغضٌ لأعدائكم ومعادٍ لهم ، سلمٌ لمن سالمكم ،
________________
١ ـ البقرة : ١٦٥.
٢ ـ المجادلة : ٢٢.