وأَنْتَ ما أَنتَ في غَبْراءَ مُظْلِمةٍ |
|
إِذا دَعَتْ أَلَلَيْها الكاعِبُ الفُضُل (١) |
قال أَرَادَ حِكَايَة أَصْواتِ النِّسَاءِ بالنَّبطِيَّةِ إِذا صَرَخْنَ وأَلَّ الفرسُ يَؤُلُّ نَصَبَ أُذُنَيْه وحَدَّدَهُما وكذلك أَلَّلَ والتَّأْلِيْل : التَّحريْفُ والتَّحْدِيدُ ، ومنه أُذُنٌ مُؤَلَّلة. وأَلَّ الصَّقْرُ يَؤُلُّ أَلَّا أَبى أَن يَصِيدَ. والأَلِيْلُ كأَميرٍ الثُّكْلُ والأَنِيْنُ قالَ ابنُ مَيَّادَةَ :
فَقُولا لها ما تَأْمُرينَ بعاشقٍ |
|
له بَعْدَ نَوْماتِ العشاء أَلِيلُ؟ (٢) |
وقالَ رُؤْبَةُ :
يا أَيَّها الذِّئبُ لك الأَلِيلُ |
|
هل لك في راعٍ كما تقُولُ؟ (٣) |
أَي ثَكِلَتْك أُمُّك هل لَكَ في راعٍ كما تُحِبُّ كالأَلِيْلَةِ قالَ :
فَلِيَ الأَلِيلةُ إِن قَتَلْتُ خُؤُولتي |
|
ولِيَ الأَلِيلَة إِنْ هُمُ لم يُقْتَلوا (٤) |
والأَلِيْلُ : عَلَزُ الحُمَّى كما في المُحْكَمِ. وقالَ الأَزْهَرِيُّ : هو الأَنِيْنُ قالَ :
أَمَا تراني أَشْتكي الأَلِيلا (٥)
والأَلِيلُ : صَليلُ الحَصَى وقيلَ : هو صَلِيلُ الحَجَرِ أيَّا كانَ الأُوْلَى عن ثَعْلب. والأَلِيلُ : خَريرُ المَاءِ وقَسِيبُه كما في اللِّسَان. والأَلِيْلَةُ كَسَفِيْنَةٍ الرَّاعِيَةُ البعيدةُ المَرْعَى مِنَ الرُّعاةِ كالأُلَّة بالضمِ وهذه عن الفرَّاءِ : والإِلُّ بالكسر العَهْدُ والحَلِفُ ومنه حدِيثُ أُمِّ زَرْعٍ في بعضِ الرِّوَايات بنْتُ أَبي زَرْعٍ وما بنْت أَبي زَرْعٍ : «وَفيُّ الإِلِّ كَرِيمُ الخِلِّ بَرُود الظِّلِّ» ، أَرَادَتْ أَنَّها وَفِيَّةُ العَهْدِ ، وإِنَّما ذُكِّر لأَنَّه إِنَّما ذَهَبَ به إلى مَعْنَى التَّشْبيهِ أَي هي مِثْلُ الرَّجلِ الوَفيِّ العَهْدِ. والإِلُّ : ع بعَرَفَة وسَيَأْتي إِنْكَارُه ثانياً. والإِلُّ الجارُ كما في المُحْكَمِ ، وهو بالهِمزِ والقَرابةُ ومنه حدِيثُ عليٍّ رضياللهعنه : «يخونُ العَهْدَ ويَقْطعُ الإِلَّ» والإِلُّ : الأَصْلُ الجَيِّدُ وبه فسِّرَ قَوْلُ أَبي بَكْرٍ الآتي أَي لم يَجِيءُ مِنَ الأَصْلِ الذي جاء منه القُرْآنُ والمَعَدِنُ الصحيحُ عن المُؤَرِّجِ وقالَ حَسَّانُ رضياللهعنه :
لَعَمْرُك إنَّ إِلَّكَ من قُرَيْشٍ |
|
كإِلِّ السَّقْبِ من رَأْلِ النَّعَام (٦) |
والإِلُّ : الحِقْدُ والعَداوةُ. والإِلُّ : الرَّبوبِيَّةُ ومنه قَوْلُ الصِّدِّيقُ رضياللهعنه لمَّا سَمِعَ سَجَعَ مُسَيْلِمَة «هذا كَلامٌ لم يَخْرُج مِنْ إِلّ ولا برٍّ. أَي لم يَصْدُر عن رُبوبِيَّةٍ ، لأَنَّ الربوبيّة حَقُّها وَاجبٌ مُعَظَّمٌ ، كذلِكَ فَسَّرَه أَبُو عُبَيْدٍ نَقَلَه السهيليّ. والإِلُّ : اسمُ الله تَعَالَى ومنه جبرال كما في العُبَابِ ، وبه صَدَّرَ صاحِبُ الرَّامُوزِ ، وبه فسَّرَ بعضٌ قَوْلَه تَعَالَى : (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) (٧) ، وأَنْكَرَه السهيليّ في الرَّوضِ فقالَ : وأَمَّا الإِلُّ بالتَّشديدِ في قولِه تَعالى : (إِلًّا وَلا ذِمَّةً) ، فحذَارِ أَنْ تَقُولَ هو اسمُ الله تَعالى ، فتُسَمِّي اللهَ تَعالى باسم لم يسمِّ به نَفْسَه لأَنَّه نَكِرَةٌ ، وإِنَّمَّا الإِلَّ كُلُّ ما له حُرْمةٌ وحَقٌّ كالقَرَابةِ والرَّحِمِ والجِوَارِ والعَهْدِ ، وهو مِنْ أَلَلتُ إذا اجْتَهَدْتُ في الشَّيْءِ وحافَظْتُ عَلَيه ولم تُضَيِّعْه ، ومنه الإِلُّ في السَّيْرِ هو الجدُّ ، وإذا كان الأَلُّ بالفتحِ المَصْدر ، فالإِلُّ بالكسرِ الاسمُ كالذِّبْحِ من الذَّبْح ، فهو إذاً الشَّيْءُ المحافَظُ عَلَيه المُعَظَّمُ حَقّه فتأَمَّلْ. وكلُّ اسمٍ آخِرهُ إِلٌ أَوْ إِيلٌ فمُضافٌ إلى اللهِ تعالى ومنه جِبْرَائِيلُ ومِيْكائِيلُ ، هذا قَوْلُ أَكْثَر أَهْلِ العِلْم. قال السهيليُّ : وكان شيْخُنا رَحِمَه الله تعَالى يعْنِي أَبَا بَكْرِ بنِ العَرَبيّ كطائِفَةٍ من أَهْلِ العِلْمِ يذْهَبُ إلى أَنَّ هذه الأَسْماءَ إِضَافَتُها مَقْلُوبَةٌ كإضافةِ كَلامِ العجمِ فيكونُ إِلٌ وإِيلٌ العَهْد ، وأَوَّلُ الاسمِ عبارَةٌ عن اسمٍ من أَسْماءِ الله تَعالى وسَيَأْتي في «ا ي ل». والإِلُّ الوَحْيُ وبه فسِّرَ قَوْلُ الصِّدِّيقِ أَيْضاً. والإِلُّ الأَمانُ وبه فُسِّرَتِ الآيةُ أَيْضاً. والإلُّ الجَزَعَ عند المُصيبةِ ومنه رُوِيَ الحدِيثُ : «عَجِبَ رَبُّكُمْ منْ إِلِّكُمْ وقُنوطِكم وسُرْعةِ إِجابَتِه إِيَّاكُمْ» فيمنْ رَوَاه بالكسرِ ، قال أَبُو عُبَيْدٍ : هكذا رَوَاه المحدِّثُون ، وروايةُ الفتحِ أَكْثَرُ قال أَبُو عُبَيْدٍ : وهو المَحْفُوظُ ، ويُرْوَى من أَزْلِكُم أَي ضِيْقكُم وشِدَّتكُم وهو أَشْبَهُ بالمَصَادِرِ كأَنَّه أَرَادَ من شِدَّةِ قُنوطِكُم.
__________________
(١) التهذيب واللسان والصحاح.
(٢) اللسان والصحاح.
(٣) والتكملة واللسان بدون نسبة.
(٤) اللسان والجمهرة ١ / ١٨٩ والتكملة.
(٥) التهذيب واللسان.
(٦) ديوانه ص ٢١٦ والصحاح واللسان.
(٧) سورة التوبة الآية ١٠.