والأَلُّ بالفتحِ الجُؤَارُ أَي رَفْعُ الصوتِ بالدعاءِ ، وقد أَلَّ يَئِلُّ وهذا قَدْ ذَكَرَهُ قَريباً فهو تَكْرَارٌ في الجملةِ. والأَلُّ جَمعُ أَلَّةٍ بحذْفِ آخِرِه للحَرْبَةِ العريضةِ النَّصْلِ سُمِّي بذلك لِبَريقها ولمَعَانِها قالَ الأَعْشَى :
تداركه في مُنْصلِ الآلِّ بعد ما |
|
مضى غير دأوادٍ وقد كاد يعطَبُ (١) |
وفَرَّقَ بعضُهم بَيْن الأَلَّةِ والحَرْبةِ فقالَ : الأَلَّة كُلُّها حدِيدَةٌ ، والحَرْبةُ بعضُها خَشَبٌ وبعضُها حدِيدٌ كالإِلَالِ ككِتابٍ قال لَبِيدٌ رضياللهعنه :
يُضيءُ رُبابُهُ في المزنِ حُبْشاً |
|
قياماً بالحرابِ وبالإِلالِ(٢) |
وهو جَمْع أَلة كجَفْنَةٍ وجِفان. والأُلُّ بالضمِ الأَوَّلُ في بعضِ اللغاتِ عن ابنِ دُرَيْدٍ (٣) وليس من لَفْظِه وأَنْشَدَ :
لِمَنْ زُحْلوقَةٌ زُلُّ |
|
بها العَيْنان تَنْهلُّ |
ينادِي الآخِرَ الأُلُّ: |
|
أَلا حُلُّوا أَلا حُلُّوا (٤) |
وإِن شئْتَ قلْتَ : إِنَّما أَرَادَ الأَوَّل فبَنَى من الكلمةِ على مِثْال فُعْل فقالَ وُلّ ، ثم هَمَزَ الواوَ لأنّها مَضْمومةٌ غَيْر أَنَّا لم نَسْمَعْهم يقُولُون وُلّ ، قالَ الصَّاغَانيُّ : هكذا هو بخطِّ الأَرْزُنيّ في الجَمْهَرةِ بالحاءِ المُهْملة المَضْمُومةِ ، وبخطِّ لأَزْهَرِيّ في التَّهْذِيبِ : ألا خَلّوا ألا خَلّوا بفتحِ الخاءِ المُعْجمةِ (٥) ، وقالَ ابنُ الأَعْرَابيّ عن المُفَضّل : بالخاءِ المُعْجمةِ قال : ومَنْ رَوَاه بالحاءِ المُهْملة فقد صَحَّفَ ، وهي لُعْبةٌ للصِّبْيان يَجْتَمِعُون فَيَأْخُذُون خَشَبَةً فيَضَعُونها على قُوْزَ لهم من الرَّملِ ثم يَجْلِسُ على أَحَدِ طَرَفَيْها جماعَةٌ وعلى الآخَرِ جماعَةٌ ، فأيُّ الجماعَتَيْن كانَتْ أَرْزَنَ ارْتَفَعَتِ الأُخْرَى فيُنَادُون بأَصْحابِ الطَّرَفِ الآخَرِ أَلا خلُّوا (٦) أَي خَفِّفُوا من عدَدِكُم حتى نُساوِيَكُم في التَّعْدِيل ، وهذه التي تُسَمِّيها العَرَبُ الزُّحْلُوفَةَ والزُّحْلوقَةَ. والأَلَّةُ الأَنَّةُ وأَيْضاً السَّلاحُ وقيلَ : جميعُ أَداةِ الحَرْبِ وخصَّه بعضٌ بالحَرْبَةِ إذا كانَ في نَصْلِها عِرَضٌ كما تقدَّمِ. وأَيْضاً عُودٌ في رأْسِه شُعْبَتان ، وأَيْضاً صَوتُ الماءِ الجاري كالأَلِيلِ وقد تقدَّمَ. والأَلَّةُ : الطَّعْنَةُ بالحَرْبَةِ وقد أَلَّهُ يَؤُلُّهُ أَلًّا وقد تقدَّم. والإِلَّةُ : بالكسرِ هيئةُ الأَنينِ وقالَ اللّحْيَانيُّ : هو الضلالُ بنُ الأَلالِ بنِ التَّلالِ كسحابٍ في الكُلِّ إِتْباعٌ له وأَنْشَدَ :
أَصْبَحتَ تَنْهَضُ في ضَلالِكَ سادِراً |
|
أَنت الضَّلالُ بنُ الأَلالِ فَأَقْصِر (٧) |
أَو الأَلالُ الباطِلُ وإِلَّا بالكسرِ حرفٌ تكونُ للإِسْتِثْناءِ وهي الناصِيَةُ في قَوْلِكَ : جاءَني القَوْمِ إلَّا زيداً ، لأَنَّها نائِبَةٌ عن أَسْتثني وعن لا أَعْني ، هذا قَوْلُ أَبي العَبَّاس المُبَرد. وقالَ ابنُ جني : هذا مَرْدُودٌ عنْدَنا لِمَا في ذلك من تَدَافُعِ الأَمْرَين الإِعْمال المُبْقي حُكْم الفِعْل والإِنْصراف عنه إلى الحَرْفِ المُخْتَص به القَوْل انْتَهَى. ومنه قَوْلُه تعالى : فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلّا قَلِيلاً (٨) وتكونُ صِفَةً بمَنْزِلَةِ غَيْرٍ فيوصَفُ بها أَو بتاليها أَو بِهما جميعاً جمعٌ مُنَكَّرٌ كقَوْلِه تَعَالَى : لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا (٩) أو يُوْصَفُ بها جَمْعٌ شِبْهُ مُنَكَّرٍ كقولِ ذِي الرُّمَّةِ.
أُنِيخَت فألْقَت بلدةً فوق بلدةٍ |
|
قَليلٌ بها الاصْواتُ إِلَّا بُغامُها |
فإنَّ تعريفَ الأَصواتِ تَعْريفُ الجِنْسِ وتكونُ عاطفةً كالواوِ. وقيلَ : ومنه قَوْلُه تعالى : لِئَلّا يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا (١٠). وكذا قَوْلُه تَعالى : (إِنِّي) لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ (١١) وتكونَ زائِدَةً كقولِهِ أي ذي الرُّمَّةِ :
حَراجيجُ ما تَنْفَكُّ إلَّا مُناخَةً |
|
على الخسف أو نرمي بها بلداً قفرا |
قَرَأْتُ في كتابِ ليْسَ قالَ : قالَ أَبُو عَمْرٍو بنِ العَلاء :
__________________
(١) ديوانه ط بيروت ص ١٢ واللسان.
(٢) ديوانه ط بيروت ص ١٠٩.
(٣) الجمهرة ١ / ١٩.
(٤) التكملة والجمهرة ١ / ١٩ واللسان والتهذيب ونسب في اللسان لامرىء القيس.
(٥) الذي في التهذيب بالحاء المهملة.
(٦) في المصادر السابقة : «حلوا» بالحاء المهملة.
(٧) اللسان والتهذيب.
(٨) سورة البقرة الآية ٢٤٩.
(٩) سورة الأنبياء الآية ٢٢.
(١٠) سورة البقرة الآية ١٥٠.
(١١) سورة النمل الآية ١١.