باب اللّام
فصل الهمزة
من باب اللام
قالَ أبو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ يَزيدٍ المُبَرِّدُ : وَتَخْرُجُ اللّامُ من حَرْفِ اللِّسَانِ معارِضاً لأُصُولِ الثَنايَا والرُّباعِيَّات ، وهو الحَرْفُ المُنْحَرِفُ المُشَارِكَ لأَكْثَرِ الحُرُوفِ وَأقْرَبُ المَخَارِجِ منه النُّونُ المُتَحَرِّكَة ولِذا لا يُدْغَمُ فيها غَيْرُ اللَّامِ. فأمَّا السَّاكِنَه فَمخْرَجُها من الخَيَاشِيمِ نَحْوَ نُونُ مُنْذُ وعِنْدَ وتُعْتَبَرُ بأنَّكَ لَوْ أمْسَكْتَ أنْفَكَ عِنْد نُطْقِكَ بها لوجَدْتَها مُخْتَلَّةً. فأمَّا المُتَحرِّكَةُ فأقْرَبُ الحُرُوفِ منها اللَّام كما أنَّ أقْرَبَ الحُرُوفِ إِلى الباءِ الجِيمُ فَمَحَلُ اللَّامِ والنُّونِ والرَّاءِ مُتَقَارِبٌ بَعْضُه مِن بَعْضٍ ، فإِذا ارْتَفَعَتْ عن مَخْرَجِ النُّونِ نَحْوَ اللَّام فالرَّاءُ بينهما على أَنَّها إِلى النُّونِ أَقْرَبُ. واللَّامُ تَتَّصْلُ بها بالانْحِرَافِ الذي فيها.
قالَ شَيْخُنَا : وَقَدْ أبْدَلُوها من حَرْفَيْنِ وهما النُّونُ في أُصَيْلَالِ وأصْله أُصَيْلَانِ بالنُّونِ تَصْغِيرُ أَصِيْل على غَيْرِ قِياسٍ ، ومِنَ الضَّادِ في الطجْعِ بِمَعْنَى اضْطَجَعَ قالَهُ ابْنُ أُمِّ قاسِم.
قُلْتُ : وقد تَقَدَّمَ البَحْث في الأَخِير في ض ج ع فَرَاجِعْهُ.
فصل الهمزة مع اللام
[أبل] : الإِبِلُ بكَسْرَتَيْنِ ولا نَظِيرَ له في الأَسْمَاءِ كحِبرِ ولا ثَالِثَ لهُما قالَهُ سِيْبَويه وَنَقَلَهُ شَيْخُنَا. وقالَ ابْنُ جِنِّي في الشَّواذِ وأمَّا الحُبكُ فَفَعِلٌ وذلك قليلٌ منه إِبِلٌ وإِطِلٌ وامْرَأةٌ بِلِزٌ أي ضَخْمَةٌ وبأسْنَانِهِ حِبْرٌ وقد ذُكِرَ ذلك في «ح ب ك» وفي «ب ل ز» وفي «ح ب ر» فالإِقْتِصَارُ على اللَّفْظَيْنِ فيه نَظَرٌ وتُسْكَّنُ الباءُ للتَّخْفِيفِ على الصحيحِ كما أشَارَ له الصَّاغَانِيُّ وابْنُ جِنِّي وجَوَّزَ شَيْخُنَا أنْ تكونَ لُغَة مُسْتَقِلَّة.
قُلْتُ وإليه ذَهَبَ كراع وأنْشَدَ الصَّاغَانِيُّ للشَّاعِرِ :
إن تَلْقَ عَمْراً فَقَدْ لاقَيْتَ مدَّرَعاً |
|
وليسَ من همِّهِ إِبِلٌ ولا شَاءُ |
وأنْشَدَ شَيْخُنَا :
ألْبانُ إبلِ نخِيلَةُ بنُ مُسَافِرٍ |
|
ما دَامَ يَمْلِكُهَا عليَّ حَرَامُ |
وأنْشَدَ صاحِبُ المِصْبَاحِ قَوْلَ أبي النَّجْمِ :
والإِبِلُ لا تَصْلِحُ في البُسْتَانِ |
|
وَحَنَّتِ الإِبِلُ إلى الأَوْطَانِ (١) |
م مَعْرُوفٌ واحِدٌ يَقَعُ على الجَمْعِ قالَ شَيْخُنَا : وهذا مُخَالِفٌ لإِسْتِعْمالاتِهِم إذ لا يُعْرَفُ في كَلامِهِم إطْلاقُ الإِبِلِ على جَمَلٍ واحِدٍ وقَوْله ليس بجَمْعٍ صَحِيحٌ لأَنَّه ليس في أبْنِيَةِ الجُمُوعِ فِعلٌ بكَسْرَتَيْنِ. وقوْله ولا اسمِ جمعٍ فيه شِبْهُ تَنَاقُضٍ مَعَ قَوْلِهِ بَعْد تَصْغِيرِها أُبَيْلَة لأَنَّه إذا كان واحداً وليس اسمَ جَمْعٍ فما المُوجِبُ لِتَأنِيثِهِ إِذَنْ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِمَا أطْبَقَ عليه جَمِيعُ أرْبَابِ التَّآلِيفِ من أَنَّهُ اسمُ جَمْعٍ. وفي العُبَابِ : الإِبِلُ لا واحِدَ لها من لَفْظِها وهي مُؤنَّثَةٌ لأَنَّ أَسْمَاءَ الجُمُوعِ التي لا واحِدَ لها من لَفْظِها إذا كانَتْ لغَيرِ الآدَمِيينَ ، فالتأنِيثُ لها لازِمٌ ج آبالٌ قالَ :
__________________
(١) المصباح المنير «الإبل».