وهو يفْتَعلُه من أُلْتُ كما تقُولُ : تَقْتَالُه من قُلْت ، أي يُصْلِحُه إِبْهامُها ، ويقالُ : هو مُؤْتَالٌ لقومِه مقْتَالٌ عليهم أي سائِسٌ مُحْتَكِمٌ كما في الأَسَاسِ وآلَ الشيءُ مآلاً نَقَصَ كحارَ مَحاراً. وآلَ فُلانٌ من فلانٍ نَجَا وهي لُغَةٌ للأَنْصارِ في وَأَلَ يقُولُون : رجلٌ آيلٌ ولا يقُولُون : وَائِل قالَ :
يَلُوذ بشُؤْبُوبٍ من الشمس فَوْقَها |
|
كما آلَ مِنْ حَرِّ النهارِ طَرِيدُ (١) |
وآلَ لَحْمُ النَّاقَةِ ذَهَبَ فَضَمُرَتْ قالَ الأَعْشَى :
أَكْلَلْتُها بعد المِرَا |
|
حِ فآلَ من أَصْلابِها (٢) |
أَي ذَهَبَ لحمُ صُلْبها. وأوَّلَهُ إِليه تأْوِيلاً رَجَعَهُ ، وأَوَّلَ الله عَلَيك ضالَّتَك رَدَّ ورَجعَ. والإِيْلُ كقِنَّبٍ وخُلَّبِ وسَيِّدٍ الأَخِيرةُ حَكَاها الطوسِيّ عن ابنِ الأَعْرَابِيّ كذا فِي تَذْكِرةِ أَبي عليٍّ والأُولَى الوَجْه ، الوَعِلُ الذَّكَر عن ابنِ شُمَيْلٍ والأُنْثَى بالهاءِ باللُّغاتِ الثلاثَةِ وهي الأُرْوِيَّةُ أَيْضاً قالَ : والأُيَّلُ : هو ذُو القَرْن الأَشْعَثِ الضَّخْم مِثْل الثَّور الأَهْلِي. وقالَ اللَّيْثُ إنَّما سُمِّي أَيّلاً لأَنَّه يَؤُولُ إلى الجبالِ يَتَحَصَّنُ فيها وأَنْشَدَ لأَبي النَّجْم :
كأَنَّ في أَذْنابِهنَّ الشُّوَّل |
|
من عَبَسِ الصَّيْفِ قُرونَ الإِيَّل(٣) |
وقد تُقْلبُ الياءُ جيماً كما سَبَقَ ذلك في ا ج ل ، والجَمْعُ الأَيَايِلُ عن اللَّيْثِ. وأَوَّلَ الكَلامَ تَأْوِيلاً وتَأَوَّلَه دَبَّرَهُ وقَدَّرَهُ وفَسَّرَهُ قالَ الأَعْشَى :
على أَنَّها كانت تَأَوَّلُ حُبِّها |
|
تَأَوُّلُ رِبْعِيِّ السِّقابِ فَأَصْحَبَا (٤) |
قالَ أَبُو عُبَيْدة : أَي تَفْسِير حُبِّها أَنَّه كان صغيراً في قلْبِه فلم يَزَلْ يَثْبتُ حتى صارَ كبيراً كهذا السَّقْبِ الصغيرِ لم يَزَلْ يَشِبُّ حتى صارَ كَبيراً مِثْلَ أُمِّه وصارَ له وَلَدٌ يَصْحَبُه ، وظاهِر المصنِّف أنَّ التَّأْوِيْلَ والتَّفْسِيرَ واحِدٌ ، وفي العُبَابِ : التَّأْوِيلُ تَفْسِير ما يَؤُولُ إليه الشيْءُ وقالَ غيرُه : التَّفْسِيرُ شَرْحُ ما جاءَ مُحْمَلاً من القصَصِ في الكتابِ الكَرِيمِ وتَقْرِيبُ ما تدلُّ عليه أَلْفاظُه الغَرِيْبة وتَبْيِين الأُمور التي أُنْزِلَت بسبَبِها الآيُ ، وأَمَّا التَّأْوِيلُ فهو تَبْيِين مَعْنَى المُتَشَابَه والمتشابه هو ما لم يقْطَعْ بِفَحْواه من غيرِ تردُّدٍ فيه وهو النصّ ، وقالَ الرَّاغِبُ : التَّأْوِيلُ رَدُّ الشيْءِ إلى الغَايةِ المُرَادةِ منه قولاً كان أَو فعلاً. وفي جمعِ الجوامِعِ : هو حَمْلُ الظاهِرِ على المحْتَملِ المَرْجُوحِ ، فإنْ حملَ لدليلٍ فصحيحٍ أَو لِمَا يُظَنُّ دليلاً ففاسد أو لا لشيءٍ فلعب لا تأويل. قالَ ابنُ الكَمالِ : التأْوِيلُ صَرْفُ الآيةِ عن مَعْنَاها الظاهِر إلى معْنًى تَحْتَمِلُه إذا كانَ المُحْتمل الذي تُصْرفُ إليه موافقاً لِلْكِتَابِ والسُّنَّةِ كقولِه : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) (٥) إنْ أَرَادَ به إخْرَاجَ الطَّير من البَيْضةِ كان تَأْوِيلاً ، أَو إخْرَاجَ المُؤْمنِ من الكَافرِ والعالِمِ من الجاهِلِ كان تَأْوِيلاً. وقالَ ابنُ الجَوْزِي التَّفْسِيرُ إِخْرَاجُ الشيْءِ من معلومِ الخفاءِ إلى مقامِ التَّجَلِّي. والتَّأْوِيلُ نقْلُ الكلامِ عن موضِعِه إلى ما يحتاجُ في إِثْبَاتهِ إلى دليلٍ لولاه ما ترك ظاهِر اللَّفْظ. وقالَ بعضُهم : التَّفْسِيرُ كَشْفُ المُرَادِ عن اللفظِ المشكلِ ، والتَّأْوِيلُ رَدُّ أحدِ المُحْتَمَلين إلى ما يطابقُ الظاهِرِ ، وقالَ الرَّاغِبُ (٦) : التَّفْسيرُ قد يقالُ فيما يَخْتص بمُفْرَداتِ الأَلْفاظِ وغَرِيبهِا وفيما يَخْتص بالتَّأْوِيلِ (٧) ولهذا يقالُ : عبارَةُ الرُّؤْيا وتَفْسيرُها وتأْوِيلُها. والتَّأْوِيلُ بَقْلَةٌ ثمرتها في قُرُونٍ كقُرُونٍ الكِباشِ وهي شَبِيْهةٌ بالقَفْعاءِ ذات غِصَنَة ووَرَقٍ ، وثَمَرتُها يكرهها المال ، ووَرَقُها يُشْبِه وَرَقَ الآسِ وهي طَيِّبَةُ الرِّيحِ ، وهو من بابِ التَّنْبِيتِ والتَمْتِين واحِدَتُه تَأْوِيلَةٌ. ورَوَى المُنْذِرِيُّ عن أَبي الهَيْثَمِ قالَ : إنَّما طعامُ فلانٍ القَفْعاء والتَّأْوِيل ، قالَ : والتَّأْوِيلُ نَبْتٌ يَعْتَلفُه الحمارُ ، يُضْربُ للرَّجلِ المُسْتَبْلِدِ الفَهْم وشُبِّه بالحمارِ في ضعْفِ عَقْلِه. وقالَ أَبْو سَعِيدٍ : أَنتَ من الفَحائِل (٨) بَيْن القَفْعاء والتَّأْوِيل ، وهُمَا نَبْتَان مَحْمُودَان من مَرَاعِي البَهَائمِ ، فإذا اسْتَبْلَدُوا الرَّجل ، وهو مع ذلك مُخْصِب مُوَسَّع عليه ضَرَبُوا له هذا المَثَل. وقالَ الأَزْهَرِيُّ : أَمَّا التَّأْوِيلُ فلم أَسْمَعْه إلَّا في قَوْلِ أَبي وَجْزَةَ :
__________________
(١) اللسان والتكملة والجمهرة ٣ / ٤٨٢ والتهذيب.
(٢) ديوانه ط بيروت ص ١٨ واللسان والتكملة والتهذيب.
(٣) اللسان والتهذيب.
(٤) ديوانه ط بيروت ص ٧ واللسان والصحاح.
(٥) الروم الآية ١٩.
(٦) انظر المفردات «فسر».
(٧) في القاموس : التأويلُ بالضم عطفاً على ما قبلها ، وقد تصرف الشارح بالعبارة ، فاقتضى جرها بالباء ، حرف الجر.
(٨) في اللسان : «أنت في ضحائك» وبهامشه علق مصححه قال : كذا في الأصل : وفي شرح القاموس : «أنت من الفحائل».