قِيل : أُرِيدَ أَبيلِي فلمَّا اضْطَرَّ قَدَّمَ الياءَ كما قالوا أنِيقٌ والأَصْلُ أُنوقُ ج آبالٌ بالمدَّ كشَهِيدٍ وأشْهادٍ وأُبْلٌ بالضمِ والإبالَةُ ككِتابَةٍ لُغَةٌ في المُشَدَّدِ الحُزْمَةُ من الحَشيشِ. وفي العُبَابِ والتَهْذِيبِ من الحَطَبِ كالأَبيلَةِ كسَفِينَةٍ والإِبَّالَةُ كإِجَّانةٍ نَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ سماعاً من العَرَبِ وكذَا الجَوْهَرِيّ ، وبه رُوِي : ضِغْثٌ على إِبَّالَةٍ أي بَلِيَّةٌ أُخْرَى كانت قَبْلَها. والإِيبالَةِ بقَلْبِ إحْدَى الباءَيْنِ ياءً نَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ وهكذا روى المَثَلُ. والوَبيلَةِ بالواوِ وَمَحَلُّ ذِكْرِهِ في «وب ل» ومن المُخَفَّفِ قَوْلُ أسْمَاءَ بن خارِجَة :
لي كُلَّ يومٍ من ذُؤَالَهِ |
|
ضِغْثٌ يُزِيدُ على إبَالِهْ(١) |
وفي العُبَابِ والصِّحاحِ : ولا تَقُل إيبالَةً لأَنَّ الاسمَ إذا كان على فِعالَة بالهاءِ لا يُبْدَلُ من أحَدِ حَرْفي تَضْعِيفِهِ [ياءً] مِثْل صِنَّارَة ودِنَّامَة. وإنَّما يُبْدَلُ إذا كان بِلا هاءٍ مِثْل دِينارٍ وقِيراطٍ. وفي سِياقِ المُصَنِّفِ نَظَرٌ لا يَخْفَى عِنْدَ التَّأمُّلِ.
ويُرِيدونَ بأَبيلِ الأَبِيلَينِ عيسى صَلواتُ الله وسلامُه عليه وعلى نَبيِّنا. قال عَمْرُو بنُ عَبْدِ الحَقِّ (٢) :
وما سَبَّحَ الرُّهْبَانُ في كُلِّ بَيْعَةٍ |
|
أبِيلِ الأَبِيلَينِ المَسِيحُ ابنَ مَرْيَمَا (٣) |
ويُرْوَى على النَّسَبِ :
أَبيلَ الأَبِيلَيينِ عيسى ابن مَرْيَمَا (٤)
والإِبالَةُ ككِتابَةٍ السياسَةُ ، أو حُسْنُ القِيامِ بالمَالِ وقد تَقَدَّمَ والأَبِلَةُ كَفَرِحَةٍ الطَّلِبَةُ يُقَالُ : لي قِبله أبِلَةٌ أي طَلِبَةٌ قال الطرِمَّاحُ :
وجَاءَتْ لِتَقْضِيَ الحِقْدَ من بلاتها |
|
فَثَنَت لها حَظان حِقْداً على حِقْدِ (٥) |
أي جَاءَتْ تَمِيمٌ لِتَقْضِيَ الحِقْدَ أي لِتُدْرِكَهُ أي الحِقْدَ الذي من طَلِبَاتِ تَمِيمٍ فَصَيَّرَتْ قَحْطَانُ حِقْدَها اثْنَيْنِ أي زَادَتْهَا حِقْداً على حِقْدٍ [إذا] لم تَحْفَظ حَرِيمهَا. والأبِلَةُ أيضاً الحاجةُ عن ابنِ بُزُرْجِ. يُقَال : ما لي إليك أبِلَةٌ أي حاجةٌ. والأَبِلَةُ الناقَةُ المُبَارَكَةُ من الوَلَدِ ونَصُّ المُحِيطِ : في الوَلَدِ وسَيَأتي للمُصَنِّفِ قَرِيباً. ويُقال : إنَّه لا يأتَبِلُ وفي العُبَابِ لا يَتَأَبَّلُ أي لا يَثْبُتُ على رِعْيَةِ الإِبِلِ ولا يُحْسِنُ مِهْنَتَها وخدْمَتَها. وقال أبو عُبَيْد لا يَقُومُ علَيها فِيمَا يُصْلِحُها أو لا يَثْبُتُ علَيها رَاكِباً أي إذا رَكِبَها ، وبه فَسَّرَ الأَصْمَعِيُّ حدِيث المُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ : رَأيتُ رجُلاً من أهْلِ عُمَانَ ومَعَهُ أبٌ كبيرٌ يَمْشِي فقُلْتُ له احْمِلْهُ. فقال : لا يَأْتَبِلُ.
وتَأْبِيلُ الإِبِلِ تَسْمِينُها وصَنْعَتُها حكَاهُ أبو حَنِيْفَةَ عن أبي زِيادٍ الكِلابِيِّ ورجُلٌ آبِلٌ وأبِلٌ ككَتِفٍ وهذِه عن الفَرَّاءِ ، وأنْكَرَ آبِلٌ على فاعِلٍ وإِبِليٌ بكَسْرَتَيْنِ وبفتحتينِ الصَّوابُ بكَسْرٍ ففتحٍ كما هو نَصٌّ العَبَابِ قال : إِنَّما يَفْتَحُونَ الباءَ اسْتِيحَاشاً لِتَوَالي الكَسْرَاتِ أي ذو إِبِلٍ. وشاهِدُ المَمْدُودِ قال ابنُ هَاجِكٍ أنْشَدَني أبو عُبَيْدَةَ للرَّاعِي :
يَسُنُّها آبِلٌ ما إِنْ يُجَزِّئُها |
|
جُزْأً شَدِيداً وما إِنْ تَرْتَوي كَرَعا (٦) |
وأبَّالُ كشَدَّادٍ يَرْعَاها بحُسْن القِيامِ علَيها والإِبْلَةُ بالكَسْر العَدَاوَةُ عن كِرَاعٍ وبالضمِ العاهَةُ والآفَةُ ومنه الحَدِيثُ «لا تَبِعِ التَّمْرَ حتى تأمَنَ عليه الإِبْلَةَ هكذا ضَبَطَهُ ابنُ الأَثِيْرِ ، وهو قَوْلُ أبي مُوسَى. ورَأيتُ في حاشِيَةِ النِّهَايَةِ وهذا وَهَمٌ والصوابُ أبَلَتُهُ بالتَّحْرِيكِ والأَبْلَةُ بالفتحِ أو بالتَّحْرِيكِ الثِّقَلُ والوَخامَهُ من الطَّعَامِ كالأَبَلِ محرَّكةً. والأَبَلَةُ بالتَّحْرِيكِ الإِثْمُ وبه فُسِّرَ حدِيثُ يَحْيَى بنُ يَعْمُرٍ «أيُّ مالٍ أدَّيْتَ زَكَاتَهُ فَقَدْ ذَهَبَتْ أبْلَتُهُ أي وَبَالُهُ ومَأْثَمُهُ. وهَمْزَتُها عن واوٍ [من] الكَلَأِ الوَبِيلِ فأُبْدِلَ من الواوِ هَمْزَة كقَوْلِهِم أحَدٌ في وَحَدٍ والأُبُلَّةُ كعُتُلَّةٍ ويُفْتَحُ أوَّلُهُ أيضاً كما سَمِعَهُ الحَسَنُ بنُ عليَّ بنُ قُتَيْبَةَ الرَّازِيّ عن أبي بَكْرٍ صالِحُ بنُ شُعَيْبٍ القارِيءُ كذا وُجِدَ بخَطِّ بَدِيعِ بنِ عَبْدِ الله الأَدِيبِ الهَمَدانِيِّ في كتابِ قِرَاءَةً على ابنِ فَارِسٍ اللُّغَوِيِّ تَمْرٌ يُرَضُّ بين حَجَرَيْنِ ويُحْلَبُ عليه لَبَنٌ وقالَ أبو بَكْرٍ القارِىءُ : هو المَجِيْعُ ، والمَجِيْعُ التَمْرُ باللَّبَنِ. قال أبو المُثَلَّمِ الهُذَلِيُّ يذكُرُ امْرَأَتَهُ أُمَيْمَةَ :
__________________
(١) اللسان والصحاح وبعده في اللسان :
فلأحشأنّك مشقصاً |
|
أوساً أويس من الهباله |
(٢) في اللسان : «قال ابن عبد الجن» وأشار مصححه إلى عبارة الشارح.
(٣) اللسان.
(٤) هذه الرواية أيضا في اللسان.
(٥) ديوانه ص ١٨٣ واللسان والتكملة. وفي المصادر : أبلاتها ، قال ابن فارس : أبلاتها : طلباتها.
(٦) ملحق ديوانه ط بيروت ص ٣٠٧ واللسان.