جَازَ أنْ يُذْكَر أَنْ تَضِلَّ لأَنَّ الإِضْلالَ هو السَّبَبُ الذي به وَجَبَ الإذْكارُ ، قالَ : ومِثْلُه أَعْدَدْتُ هذا أَنْ يَمِيل الحائِطُ فأَدْعَمَه ، وإنّما أَعْدَدْته للدَّعْمِ لا للمَيْلِ ، ولكنَّ المَيْلَ ذُكِرَ لأَنَّه سَبَبُ الدَّعْم كما ذُكِرَ الإِضْلالُ لأَنَّه سَبَبُ الإِذْكارِ ، هذا هو البَيِّنُ إنْ شاءَ الله تعالى. ومنه قَوْلُه تعالَى : (قالَ فَعَلْتُها إِذاً) وَأَنَا مِنَ الضّالِّينَ (١) تَنْبِيهاً أَنَّ ذلِكَ منه سَهْوٌ.
ويقالُ : ضَلَّنِي فلانٌ فلم أَقْدِر عليه أَي ذَهَبَ عَنِّي ، قالَ ابنُ هرمَةَ :
والسَّائِلُ المُعْتَرِي كَرَائِمها |
|
يَعْلَم أَنِّي تَضِلُّني عِلَلي (٢) |
أَي تَذْهَبُ عَنِّي.
والضُّلةُ ، بالضمِ : الحِذْقُ بالدَّلالَةِ في السَّفَرِ ، قالَهُ الفرَّاءُ.
والضَّلَّةُ ، بالفتحِ : الحَيْرَةُ ، وقد ضَلَّ ضَلَّةً إذا تَحَيَّرَ ، قالَهُ ابنُ السَّيِّد.
وأَيْضاً : الغَيْبَةُ لخَيْرٍ ، ونَصّ المحْكَمِ : في خَيْرٍ ، أَوْ شَرٍّ.
والضَّالَّةُ من الإِبِلِ : التي تَبْقَى بمَضْيَعَةٍ بِلا رَبٍّ يُعْرَفُ.
وقالَ ابنُ الأَثيرِ : الضَّالَّةُ هي الضَّائِعَةُ من كلِّ ما يُقْتَنَى من الحَيوانِ وغيرِه ، وهي في الأَصْلِ فاعِلَةٌ ثم اتّسُعَ فيها فصارَتْ من الصِّفاتِ الغَالِبَةِ.
وقالَ الجَوْهَرِيُّ : الضَّالَّةُ ما ضَلَّ من البَهِيْمَةِ للذَّكَرِ والأُنْثَى. زَادَ غيرُه : والاثْنَيْن والجَمِيع ، ويُجْمَعُ على ضَوالّ.
وفي الحدِيثِ : «إِنَّا نُصِيبُ هَوَامِي الإِبِلِ ، فقالَ : ضَالَّةُ المُؤْمنِ أَو المُسْلمِ حَرَقُ النارِ» ، وقد تُطْلَقُ الضَّالَّةُ على المَعَاني ، ومنه الحِكْمَةُ ضالَّةُ المُؤْمِنِ ، أَي لا يَزَالُ يَتَطَلَّبها كما يَتَطَلّبُ الرجُلُ ضالَّتَه.
وقالَ الكِسَائي : وَقَعَ في وادِي تُضَلِّلُ ، بضمَّتَيْنِ وكَسْرِ اللَّامِ المُشَدَّدَةِ وقد تفتحُ الضَّادُ ، وهذه عن ابنِ عَبَّادٍ ، وذَكَرَها أَيْضاً ابنُ سِيْدَه ، وهو الباطِلُ مِثْل تُخُيِّبَ وتُهُلِّكَ ، كُلُّه لا يَنْصَرفُ ، كما في الصِّحاحِ.
وفي الأَسَاسِ : وقعوا (٣) في وادِي تُضَلِّلَ ، أَي هَلكُوا وهو مجازٌ.
وضَلَّلَهُ تَضْليلاً وتَضْلالاً ، بالفتحِ : صَيَّرَهُ إِلى الضَّلالِ ، وقيلَ : نَسَبَه إِليه ، قالَ الرَّاعِي :
وما أَتَيْتُ نُجَيْدةَ بْنَ عُوَيْمِرٍ |
|
أَبْغي الهُدى فيَزِيدني تَضْليلا (٤) |
قالَ ابنُ سِيْدَه : هكذا قالَهُ الرَّاعِي بالوَقْصِ ، وهو حَذْفُ التاءِ من مُتَفاعِلُن ، فكَرِهَتِ الرُّواةُ ذلِكَ ورَوَتْه : ولما أَتَيْتُ ، على الكمالِ.
وأَرْضٌ مَضَلَّةٌ ، بفتحِ الضادِ ، ومَضِلَّةٌ ، بكَسْرِها ، نَقَلَهما الجَوْهَرِيُّ ، وضُلَضِلَةٌ كعُلَبِطَةٍ وهذه عن الصَّاغانيِّ ، يُضَلُّ فيها الطَّريقُ كما في الصّحاحِ. زَادَ غيرُه : ولا يُهْتَدَى.
وقيلَ : أَرْضٌ مَضلَّةٌ تَحْملُكَ إِلى الضَّلالِ ، كما هو القِياسُ في كلِّ مَفْعَلَةِ على ما نَقَلَه الخَفَاجيُّ في شرحِ الشفاءِ ، ومَرَّ في ج هـ ل ، ومِثْلُه الحدِيثُ : «الولدُ مَجْبَنَة مَبْخَلَةٌ.
وقالَ بعضُهم : أَرْضٌ مَضِلَّةٌ ومَزِلَّةٌ ، وهو اسمٌ ، ولو كان نَعتاً لكانَ بغيرِ الهاءِ.
ويقالُ : فَلاةٌ مَضَلَّةٌ وخَرْقٌ مَضَلَّةٌ ، الذَّكَر والأُنْثَى والجَمْعُ سواء.
وقيلَ : أَرْضٌ مَضَلَّةٌ وأَرْضُون مَضَلَّات.
والضِّلِّيلُ ، كسِكِّيت : الكثيرُ الضَّلالِ في الدِّينِ وهو مجازٌ.
وفي العُبَابِ : رجُلٌ ضِلِّيلٌ أَي ضالٌّ جِدّاً ، وهو الكثيرُ التَّبعِ للضَّلالِ ، قالَ رُؤْبَة :
قلتُ لزيرٍ لم تَصِلْه مريمة |
|
ضِلِّيل أَهواءِ الصّبا يَنْدِمَه |
__________________
(١) سورة الشعراء الآية ٢٠.
(٢) ديوانه ص ١٧٧ واللسان والتكملة والتهذيب.
(٣) في الأساس : وقعوا.
(٤) ديوانه ط بيروت ص ٢٣٣ برواية : «ولا أتيتُ» واللسان وانظر تخريجه في الديوان.