الأحباب ، وفوت الغنائم بغم حصل للرسول بسبب عصيانكم أمره (لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ) من الغنيمة (وَلا ما أَصابَكُمْ) من القتل والجراحة.
قال أبو السعود : أي لتتمرنوا على الصبر في الشدائد فلا تحزنوا على نفع فات أو ضر آت (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (١٥٣) أي عالم بأعمالكم ومقاصدكم قادر على مجازاتها إن خيرا فخير وإن شرا فشر (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً) من العدو (نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ) أي يأخذ النعاس المهاجرين وعامة الأنصار (وَطائِفَةٌ) وهم المنافقون عبد الله بن أبي ومعتب بن قشير وأصحابهما (قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) أي أوقعهم في الهموم لأن أسباب الخوف وهي قصد العدو كانت حاصلة لهم والدافع لذلك وهو الوثوق بوعد الله ورسوله غير معتبر عندهم لأنهم كانوا مكذبين بالرسول في قلوبهم فلذلك عظم الخوف في قلوبهم (يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ) أي كانوا يقولون في أنفسهم لو كان محمد محقا في دعواه لما سلط الكفار عليه وهذا ظن فاسد والله تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، لا اعتراض لأحد عليه ، فإن النبوة خلعة من الله تعالى يشرف عبده بها وليس يجب في العقل أن الله تعالى إذا شرف عبده بخلعة أن يشرفه بخلعة أخرى بل له الأمر والنهي كيف شاء بحكم الإلهية (يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ) أي هل لنا من النصر الذي وعدنا به محمد نصيب قط. وهذا الكلام إن كان قائله من المنافقين كعبد الله بن أبي فإنما قاله طعنا في نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم وفي الإسلام وإن كان من المؤمنين المحققين كان غرضه منه إظهار الشفقة أنه متى يكون الفرج ومن أين يكون تحصل النصرة. (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ) أي التدبير (كُلَّهُ لِلَّهِ) فإنه تعالى قد دبر الأمر كما جرى في سابق قضائه فلا مرد له (يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ) أي يقولون فيما بينهم بطريق الخفية مظهرين أنهم مسترشدون طالبون للنصر مبطنين الإنكار والتكذيب مخافة القتل (يَقُولُونَ) أي معتب بن قشير وعبد الله بن أبي : (لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا) أي لو كان لنا من التدبير والرأي شيء ما قتل من قتل منا في هذه المعركة وما غلبنا (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ) أي قل يا أشرف الخلق لهم لو جلستم في بيوتكم في المدينة لخرج منكم من كتب الله عليهم القتل إلى مصارعهم أي أماكنهم التي ماتوا فيها عند أحد حتى يوجد ما علم الله أنه يوجد فإن الحذر لا يدفع القدر والتدبير لا يقاوم التقدير فالذين قدر الله عليهم القتل لا بد وأن يقتلوا لأن الله تعالى لما أخبر يقتل فلو لم يقتل لا نقلب علمه جهلا وذلك محال (وَ) فرض الله عليكم القتال ولم ينصركم يوم أحد (لِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ) أي ليعاملكم من يختبر ما في قلوبكم من الإخلاص والنفاق
__________________
التفسير (٢ : ١١٨) ، والطبري في التفسير (٤) ، وابن الجوزي في زاد المسير (١ : ٤٧٧) ، وابن كثير في البداية والنهاية (٤ : ٢٣).