وعبد الله بن المبارك كقول ابن عباس وابن عمر وسعيد بن المسيب (وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ) وهي من أرضعتها أمك أو ارتضعت بلبن أبيك أو ولدتها مرضعتك أو ولدها الفحل (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ) من نسب أو رضاع سواء دخل بزوجته أم لا؟ (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) أي بنات نسائكم اللاتي ربيتم في بيوتكم (مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَ) أي جامعتموهن سواء كان ذلك بعقد صحيح أو فاسد (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) في نكاح الربائب بعد طلاق أمها أو موتها (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) أي ونساء أبنائكم الذين من أولاد فراشكم دون نساء الأولاد الأدعياء.
قال الشافعي : لا يجوز للأب أن يتزوج بجارية ابنه لأنها حليلته.
وقال أبو حنيفة : يجوز واتفقوا على أن حرمة التزوج بحليلة الابن تحصل بنفس العقد ، كما أن حرمة التزوج بحليلة الأب تحصل بذلك (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) بالنكاح وبالوطء في ملك اليمين لا في نفس ملك اليمين. قال الشافعي : نكاح الأخت في عدة البائن جائز لأنه لم يوجد الجمع. وقال أبو حنيفة : لا يجوز (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) أي قد مضى في الجاهلية فإنه مغفور لكم (إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً) فيما كان منكم في الجاهلية (رَحِيماً) (٢٣) أي فيما يكون منكم في الإسلام إذا تبتم. (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أي وحرّم عليكم نكاح ذوات الأزواج كائنات من جميع النساء إلا ما ملكت أيمانكم من السبايا فإنهن حلال لكم بعد ما استبرأتم أرحامهن بحيضة ، وإن كان أزواجهن في دار الحرب واختلف القراء في كلمة المحصنات سواء كانت معرّفة بال أم نكرة. فقرأ الجمهور بفتح الصاد ، والكسائي بكسرها في جميع القرآن إلّا التي في هذه الآية فإنهم أجمعوا فيها على الفتح. والمعنى أحصنهن الأزواج بالتزوج ، أي أعفوهن عن الوقوع في الحرام والأولياء أعفوهن عن الفساد بالتزويج وهن يحصن أزواجهن عن الزنا ويحصن فروجهن عن غير أزواجهن بعفافهن (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ) أي كتب عليكم تحريم ما تقدم ذكره من المحرمات كتابا من الله. أو المعنى الزموا كتاب الله (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ).
قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم «وأحل لكم» بالبناء للمفعول عطفا على قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ) والباقون «وأحل» بالبناء للفاعل عطفا على «كتاب الله» أي كتب الله عليكم تحريم هذه الأشياء وأحل لكم ما وراءها. ومحل أن تبتغوا رفع على البدل من ما على القراءة الأولى ، ونصب على القراءة الثانية. وقوله : (مُحْصِنِينَ) حال. وقيل : خبر كان الناقصة. والمعنى وأحل لكم ما سوى المحرمات المعدودة أن تطلبوا النساء بصرف أموالكم المهور أو الأثمان على طريق النكاح إلى الأربع أو التسري للإماء حال كونكم متعففين عن الزنا وغير زانين وهذا تكرير للتأكيد.