لك فجاهد وإلا فبرهما» (١). (وَبِذِي الْقُرْبى) أي صلوا بصاحب القرابة من أخ ، أو عم ، أو خال أو نحو ذلك. (وَالْيَتامى) أي أحسنوا إليهم بالرفق بهم وبمسح رأسهم وبتربيتهم وحفظ أموالهم (وَالْمَساكِينِ) أي أحسنوا إليهم بالصدقة أو بالرد الجميل (وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى) أي الذي قرب جواره أو الذي له مع الجوار اتصال بالنسب.
وقرئ بالنصب على الاختصاص تعظيما لحقه ، لأن له ثلاثة حقوق : حق القرابة ، وحق الجوار ، وحق الإسلام. كما قرئ والصلاة الوسطى نصبا على الاختصاص (وَالْجارِ الْجُنُبِ) أي الذي بعد جواره أو الذي لا قرابة له فله حقان : حق الإسلام ، وحق الجوار. (وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) وهو إما رفيق في سفر أو جار ملاصق أو شريك في تعلم أو حرفة ، أو قاعد بجنبك في مسجد أو مجلس. وقيل : هي المرأة فإنها تكون معك وتضطجع إلى جنبك (وَابْنِ السَّبِيلِ) أي المسافر المنقطع عن بلده بالسفر أو الضيف أي أحسنوا له بالإكرام وله ثلاثة أيام حق وما فوق ذلك صدقة (وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أي أحسنوا إلى الخدم من العبيد والإماء (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً) أي متكبرا عن أقاربه بالفقراء وجيرانه الضعفاء وأصحابه ولا يحسن عشرتهم (فَخُوراً) (٣٦) على الناس بما أعطاه الله تعالى من العلم وغيره (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) من العلم بما في كتابهم من صفة محمد صلىاللهعليهوسلم والأظهر أن الموصول منصوب على الذم ، أو مرفوع على الذم أي هم الذين. ويجوز أن يكون بدلا من قوله : (مَنْ كانَ مُخْتالاً) وأن يكون مبتدأ خبره محذوف تقديره أحقاء بكل ملامة أو كافرون ، نزلت هذه الآية في حق كدوم بن زيد وأسامة بن حبيب ونافع بن أبي نافع ، ومحرى بن عمرو وحيي بن أخطب ، ورفاعة بن زيد ابن التابوت حين أمروا رجالا من الأنصار بترك النفقة على من عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم خوف الفقر عليهم. أخرجه ابن جرير عن ابن عباس (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ) أي لليهود (عَذاباً مُهِيناً) (٣٧) أي فمن كان شأنه كذلك فهو كافر بنعمة الله ، ومن كان كافرا بنعمته فله عذاب يهينه كما أهان النعمة بالبخل والإخفاء. وفي الحديث الذي رواه أحمد أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا أنعم الله على عبده نعمة أحب أن يظهر أثرها عليه» (٢). (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ). والموصول إما معطوف على الموصول الأول ، وإما معطوف على قوله تعالى : (لِلْكافِرِينَ).
__________________
(١) رواه الترمذي في كتاب الجهاد ، باب : ٢ ، وأبو داود في كتاب الجهاد ، باب : في الرجل يغزو وأبواه كارهان ، والنّسائي في كتاب الجهاد ، باب : الرخصة في التخلف لمن له والدان ، وأحمد في (م ٢ / ص ١٨٨).
(٢) رواه أحمد في (م ٣ / ص ٤٧٤).