الصوت لغير الله عند ذبحه وكانوا يقولون عند الذبح باسم اللات والعزى (وَالْمُنْخَنِقَةُ) أي التي ماتت بانعصار الحلق فالمنخنقة على وجوه : منها : إن أهل الجاهلية كانوا يخنقون الشاة فإذا ماتت أكلوها. ومنها : ما يخنق بحبل الصائد. ومنها : ما يدخل رأسها بين عودين في شجرة فتختنق فتموت (وَالْمَوْقُوذَةُ) أي المضروبة إلى أن ماتت ويدخل في الموقوذة ما رمي بالبندق فمات ، وهي معنى الميتة وفي معنى المنخنقة ، لأنها ماتت ولم يسل دمها. (وَالْمُتَرَدِّيَةُ) أي الساقطة من علو إلى سفل فماتت ويدخل فيها ما إذا أصابه سهم وهو في الجبل فتسقط على الأرض فإنه يحرم أكله لأنه لا يعلم هل مات بالتردي أو بالسهم ولو رمى صيدا في الهواء بسهم فأصابه فإن سقط على الأرض ومات حل لأن الوقوع على الأرض من ضرورته ، وإن سقط على شجر أو جبل ثم تردى منه فمات لم يحل لأنه من المتردية ، إلا أن يكون السهم ذبحه في الهواء فيحل كيفما وقع لأن الذبح قد حصل قبل التردية (وَالنَّطِيحَةُ) أي ماتت بنطح شاة أخرى ، وإنما دخلت «الهاء» في «النطيحة» لأنها صفة لمؤنث غير مذكور وهو الشاة كما تقول : رأيت قتيلة بني فلان بالهاء لأنك إن لم تدخل الهاء لم يعرف المقتول أرجل هو أم امرأة ، بخلاف ما إذا ذكر الموصوف فإنه تحذف الهاء حينئذ كقولهم : كف خضيب ، ولحية دهين وعين كحيل ، وخصت الشاة لأنها من أعم ما يأكله الناس والكلام يمشي على الأغلب ويكون المراد الكل. (وَما أَكَلَ السَّبُعُ) منه فمات وهي ، فريسة السبع.
قال قتادة : كان أهل الجاهلية إذا جرح السبع شيئا فقتله وأكل بعضه أكلوا ما بقي فحرمه الله تعالى (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) أي إلا ما أدركتم ذكاته وقد بقيت فيه حياة مستقرة من هذه الأشياء الخمسة. وذلك بحيث يتحرك بالاختيار وإلا فلا يحل بتذكية لأن موته حينئذ يحال على السبب المتقدم على التذكية من الخنق وأكل السبع وغيرهما (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) أي على اعتقاد تعظيم النصب. وقال ابن جريج : النصب ليس بأصنام فإن الأصنام أحجار مصوّرة منقوشة وهذه النصب أحجار كانوا ينصبونها حول الكعبة وكانوا يذبحون عندها للأصنام ، وكانوا يلطخونها بتلك الدماء ، ويضعون اللحوم عليها ، ويعدون ذلك الذبح قربة فقال المسلمون : يا رسول الله كان أهل الجاهلية يعظمون البيت بالدم فنحن أحق أن نعظمه. وكان النّبيّ صلىاللهعليهوسلم لم ينكره فأنزل الله تعالى (لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها) [الحج : ٣٧] (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) أي وحرم عليكم طلب معرفة ما قسم لكم من الخير والشر بواسطة ضرب القداح ، وذلك أنهم إذا قصدوا سفرا أو غزوا أو تجارة ، أو نكاحا أو أمرا آخر من معاظم الأمور ضربوا ثلاثة أقداح ، مكتوب على أحدها : أمرني ربي. وعلى الثاني : نهاني ربي. والثالث : خال عن الكتابة. فإن خرج الأمر أقدم على الفعل ، وإن خرج النهي أمسك ، وإن خرج الغفل أعاد العمل مرة أخرى (ذلِكُمْ) أي الاستقسام بالأزلام (فِسْقٌ) أي خروج عن الطاعة لأنه طلب لمعرفة الغيب وذلك حرام.