يقتل فاذبح واذكر اسم الله عليه ، وإن أدركته وقد قتل ولم يأكل فكل فقد أمسك عليك ، وإن وجدته قد أكل فلا تطعم منه شيئا فإنما أمسك على نفسه» (١). (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) أي سموا على ما علمتم من الجوارح عند إرساله على الصيد كما قال صلىاللهعليهوسلم لعدي بن حاتم : «إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل» (٢) أو سموا على ما أمسكن عند ذبحه. وقيل : المعنى سموا على أكل الصيد.
روي أنه صلىاللهعليهوسلم قال لعمر بن أبي سلمة : «سمّ الله وكل مما يليك» (٣). (وَاتَّقُوا اللهَ) أي واحذروا مخالفة أمر الله في تحليل وتحريم ما حرمه (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (٤) فإنه تعالى يؤاخذكم سريعا في كل ما جل ودق (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) أي المستلذات المشتهيات لأهل المروءة والأخلاق الجميلة (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ) فيحل لنا أكل ذبائح من تمسكوا بالتوراة والإنجيل إذا حلت المناكحة بيننا وبينهم فحل الذبيحة تابع لحل المناكحة ولو ذبح يهودي أو نصراني على اسم غير الله تعالى كالنصراني يذبح على اسم المسيح لم تحل ذبيحته بخلاف من تمسكوا بغير التوراة والإنجيل ، كصحف إبراهيم فلا تحل ذبائحهم واتفق العلماء على أن المجوس قد سن بهم سنة أهل الكتاب في أخذ الجزية منهم دون أكل ذبائحهم ونكاح نسائهم.
وروي عن ابن المسيب أنه قال إذا كان المسلم مريضا فأمر المجوسي أن يذكر الله ويذبح فلا بأس ، وقال أبو ثور : إن أمره بذلك في الصحة فلا بأس (وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) فيحل لكم أن تطعموهم من طعامكم وتبيعوه منهم (وَالْمُحْصَناتُ) أي الحرائر العفائف (مِنَ الْمُؤْمِناتِ) أي حل لكم وذكرهن للحمل ما هو الأولى لا لنفي ما عداهن فإن نكاح الإماء المسلمات صحيح بالاتفاق ، وكذا نكاح غير العفائف ، وأما الإماء الكتابيات فهن كالمسلمات عند أبي حنيفة خلافا للشافعي (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) أي هن حل لكم أيضا وإن كنّ حربيات.
__________________
(١) رواه النسائي في كتاب الصيد ، باب : الأمر بالتسمية عند الصيد ، وأحمد في (م ٤ / ص ١٩٥).
(٢) رواه البخاري في كتاب الذبائح ، باب : إذا أكل الكلب ، ومسلم في كتاب الصيد ، باب : ١ ، والترمذي في كتاب الصيد ، باب : ١ ، والنسائي في كتاب الصيد ، باب : إذا قتل الكلب ، وابن ماجة في كتاب الصيد ، باب : صيد الكلب ، وأحمد في (م ١ / ص ٢٣١).
(٣) رواه البخاري في كتاب الأطعمة ، باب : الأكل وما يليه ، ومسلم في كتاب الأشربة ، باب : ١٠٨ ، والترمذي في كتاب الأطعمة ، باب : ٤٧ ، وابن ماجة في كتاب الأطعمة ، باب : الأكل باليمين ، والدارمي في كتاب الأطعمة ، باب : التسمية على الطعام ، والموطأ في كتاب صفة النبي ، باب : ما جاء في الطعام والشراب.