حواء أو من أنثى وحدها كخلق عيسى عليهالسلام ، أو منهما كخلق سائر الناس ويخلق بلا توسط شيء من المخلوقات كخلق عامة المخلوقات وقد يخلق بتوسط مخلوق آخر كخلق الطير على يد عيسى عليهالسلام معجزة له وكإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص على يده أيضا فيجب أن ينسب كله إليه تعالى لا إلى من أجرى ذلك على يده (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١٧) وإظهار الاسم الجليل للتعليل وتقوية استقلال الجملة (وَقالَتِ الْيَهُودُ) أي إن يهود أهل المدينة (وَالنَّصارى) أي نصارى أهل نجران (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) أي إن اليهود لما زعموا أن عزيزا ابن الله. والنصارى زعموا أن المسيح ابن الله ، ثم زعموا أن عزيرا والمسيح كانا منهم صار ذلك كأنهم قالوا : نحن أبناء الله كما يقول أقارب الملوك عند المفاخرة : نحن الملوك. فالمراد بأبناء الله خاصته
وقال ابن عباس : إن النّبيّ صلىاللهعليهوسلم دعا جماعة من اليهود إلى دين الإسلام وخوّفهم بعقاب الله تعالى فقالوا : تخوّفنا بعقاب الله ونحن أبناء الله وأحباؤه. والذي قال تلك الكلمة من اليهود : نعمان ويحرى وشاس. (قُلْ) أي لهم يا أكرم الخلق إلزاما وتبكيتا : (فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ) أي إن صح ما زعمتم فلأي شيء يعذبكم في الدنيا بالقتل والأسر والمسخ وقد اعترفتم بأنه تعالى سيعذبكم في الآخرة أياما بعدد أيام عبادتكم العجل ، ولو كان الأمر كما زعمتم لما صدر عنكم ما صدر ولما وقع عليكم ما وقع ، فأنتم كاذبون لأن الأدب لا يعذب ولده والحبيب لا يعذب حبيبه (بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ) أي لستم كذلك بل أنتم بشر من جنس من خلقه الله تعالى من غير مزية لكم عليهم (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) أن يغفر له من أولئك المخلوقين وهم الذين آمنوا به تعالى وبرسله وتابوا من اليهودية والنصرانية (وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) أن يعذبه منهم. وهم الذين كفروا به تعالى وبرسله وماتوا على اليهودية والنصرانية (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) فمن كان ملكه هكذا وقدرته هكذا فكيف يستحق البشر الضعيف عليه تعالى حقا واجبا (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (١٨) في الآخرة فيجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته (يا أَهْلَ الْكِتابِ) أي يا أهل التوراة والإنجيل (قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا) محمد صلىاللهعليهوسلم (يُبَيِّنُ لَكُمْ) أي مبينا لكم الشرائع (عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) أي على حين انقطاع من الأنبياء.
فروي عن سلمان أنه قال : فترة ما بين عيسى ومحمد ستمائة سنة. أخرجه البخاري. وكان بينهما أربعة من الأنبياء ثلاثة من بني إسرائيل كما قال تعالى : (إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) [يس : ١٤] وواحد من العرب وهو خالد بن سنان وقال في حقه نبينا صلىاللهعليهوسلم : «نبي ضيعه قومه» (١) (أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ) أي إنما بعثنا إليكم الرسول في وقت فترة من
__________________
(١) رواه الألباني في السلسلة الضعيفة (٢٧٩) ، وابن سعد في الطبقات الكبرى (١ : ٤٢) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٢ : ٣٢٠) ، وابن كثير في البداية والنهاية (٢ : ٢٧١).